للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَالح) الْعلَّة فِيهِ مَا تقدم فِيمَا لَو صَالحه على بَيت مِنْهَا، وَقد تقدم أَن فِيهَا يَصح الصُّلْح وَيجْعَل إِبْرَاء عَن دَعْوَى الْبَاقِي فِي ظَاهر الرِّوَايَة فَيَنْبَغِي أَن يكون هُنَا كَذَلِك.

قَالَه الرحمتي لَكِن قَالَ سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى: قُيِّدَ بِالسُّكْنَى لِأَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مِنْهَا كَأَن وجد عَدَمِ الصِّحَّةِ كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ الْمُدَّعِي بِنَاءً عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَتْنِ سَابِقًا، وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ أَبَدًا وَمِثْلُهُ حَتَّى يَمُوتَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ يَصِحُّ لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْقِيتِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَى بعض المحشين اهـ.

قَوْله: (إِلَى الْحَصاد) لانه أحل مَجْهُول فَيُؤَدِّي إِلَى الْمُنَازعَة، ولانه بيع معنى فيفسده جَهَالَة الاجل.

قَوْله: (أَوْ صَالَحَ مَعَ الْمُودِعِ بِغَيْرِ دَعْوَى الْهَلَاكِ) أَي الدَّعْوَى من الْمُودع لم يَصح الصُّلْح فِي الصُّور الثَّلَاثَة.

أما الاولى: فُلَانُهُ صلح عَن بعض مَا يَدعِيهِ، وَقد تقدم أَنه بَاطِل.

وَأما الثَّانِيَة: فلَان الصُّلْح بيع معنى كَمَا ذكرنَا.

وَهَاتَانِ المسألتان من مسَائِل السِّرَاجِيَّة الَّتِي نقلهَا عَنْهَا صَاحب الْمنية.

وَأما الثَّالِثَة: فعلى أَرْبَعَة أوجه.

الاولى: ادّعى صَاحب المَال الايداع وَجحد الْمُودع ثمَّ صَالحه على شئ مَعْلُوم جَازَ الصُّلْح فِي قَوْلهم، لَان الصُّلْح يبْنى جَوَازه على زعم الْمُدَّعِي، وَفِي زَعمه أَنه صَار غَاصبا بالجحود فَيجوز الصُّلْح مَعَه.

الثَّانِي: إِذا ادّعى صَاحب المَال الْوَدِيعَة وطالبه بِالرَّدِّ فَأقر الْمُسْتَوْدع بالوديعة وَسكت وَلم يقل شَيْئا وَصَاحب المَال يَدعِي عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاك ثمَّ صَالحه على شئ مَعْلُوم جَازَ الصُّلْح فِي قَوْلهم أَيْضا.

الثَّالِث: ادّعى الِاسْتِهْلَاك وَالْآخر الرَّد أَو الْهَلَاك ثمَّ صَالحه جَازَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَأَجْمعُوا على أَنه لَو صَالح بعد حلف الْمُسْتَوْدع أَنه رد أَو هلك لَا يجوز.

الرَّابِع: إِذا ادّعى الْمُودع الرَّد أَو الْهَلَاك وَصَاحب المَال لَا يصدقهُ فِي ذَلِك وَلَا يكذبهُ بل سكت ذكر الْكَرْخِي أَنه لَا يجوز هَذَا الصُّلْح فِي قَول أبي يُوسُف الاول، وَيجوز فِي قَول مُحَمَّد.

وَلَو ادّعى صَاحب المَال الِاسْتِهْلَاك وَالْمُودع لم يصدقهُ فِي ذَلِك وَلم يكذبهُ فَصَالحه على شئ ذكرنَا أَنه يجوز هَذَا الصُّلْح فِي قَوْلهم اهـ.

كَمَا فِي الْمنح.

فقد ظهر من هَذَا أَن الصُّلْح بِغَيْر دَعْوَى الْهَلَاك يَصح كَمَا سمعته وَلم يذكر فِيمَا إِذا أقرّ بالوديعة وَصَالَحَهُ عَلَيْهَا، وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْفِقْه جَوَازه لانه صلح عَن مَال بِمَال بِإِقْرَار.

تَأمل.

قَوْله: (قيد بِعَدَمِ دَعْوَى الْهَلَاك) صَادِق بسكوته وبدعواه الرَّد، وَقد تقدم أَنه يَصح الصُّلْح فيهمَا.

قَوْله: (لانه لَو ادَّعَاهُ) أَي الْهَلَاك وَالْمَالِك يَدعِي أَنه اسْتَهْلكهُ.

قَوْله: (وَصَالَحَهُ قبل الْيَمين) أما لَو صَالحه بعد حلف الْمُسْتَوْدع أَنه هلك أَو رد لَا يجوز الصُّلْح إِجْمَاعًا.

وَفِيه أَن ذَلِك دَاخل فِي مَسْأَلَة المُصَنّف الْمَذْكُورَة بعد، وفيهَا خلاف كَمَا ذكره المُصَنّف.

قَوْله: (خَانِية) هَذَا مَا نَقله فِي الْمنح عَنْهَا لَكِن سقط من عِبَارَته شئ اخْتَلَّ بِهِ الْمَعْنَى، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ: جَازَ الصُّلْحُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>