للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِقَبْضِهِ يصير عينا فَتَقَع الْمُضَاربَة عَلَيْهِ لَا على الدّين كَمَا سَمِعت.

فَمن قَالَ إِنَّه مُكَرر مَعَ مَا تقدم توهم أَنه مُتَقَدم متْنا، وَمن قَالَ إِنَّه موهم للاطلاق: أَي يُوهم أَنه لَا فرق أَن يكون الدّين على الْمضَارب أَو على الاجنبي، وَقد علمت الْجَواب أَن مَا على الاجنبي يصير عينا بِقَبْضِهِ فَلم يَقع العقد على الدّين بل على الْعين المقبوضة.

قَوْله: (وَكَونه مُسلما إِلَى الْمضَارب) لَان المَال فِي الْمُضَاربَة من أحدا لجانبين وَالْعَمَل من جَانب الآخر فلَان يخلص المَال لِلْعَامِلِ ليتَمَكَّن فِي التَّصَرُّف مِنْهُ ولان المَال يكون أَمَانَة عِنْده فَلَا يتم إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ، فَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَ الْمضَارب لَا تجوز الْمُضَاربَة، لانه شَرط يمْنَع من التَّسْلِيم، والتخلية بَين المَال وَالْمُضَارب سَوَاء كَانَ الْمَالِك عَاقِلا أَوْ لَا كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ إذَا دَفَعَ مَالَ الصَّغِير مُضَارَبَة وَشرط عمل شَرِيكه: أَي الصَّغِير مَعَ الْمُضَارِبِ لَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ.

وَفِي السِّغْنَاقِيِّ: وَشَرْطُ عَمَلِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا أَحَدُ الْمُتَفَاوضين أَو شَرِيكي الْعَنَانِ إذَا دَفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ صَاحبه فسد العقد.

تاترخانية.

وَلَو شَرط أَن يكون المَال كل لَيْلَة عِنْد الْمَالِك فَسدتْ الْمُضَاربَة.

قُهُسْتَانِيّ.

قَالَ الاسبيجابي: إِذا رد الْمضَارب رَأس المَال على الْمَالِك وَأمره أَن يَبِيع يَشْتَرِي على الْمُضَاربَة فَفعل وَربح فَهُوَ جَائِز على الْمُضَاربَة وَالرِّبْح على مَا شرطا لانه لم يُوجد صَرِيح النَّقْد وَلَا دلَالَته لانه صَار مستعينا بِهِ على الْعَمَل.

وَإِذا وَقع الْعَمَل من رب المَال إِعَانَة لَا يَجْعَل استردادا، بِخِلَاف مَا إِذا شَرط عمل رب المَال حَال العقد أفسد.

وَحكى الامام القَاضِي العامري عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الضَّرِير أَن شَرط عمل رب المَال مَعَ الْمضَارب إِنَّمَا يكون مُفْسِدا إِذا شَرط الْعَمَل جملَة، أما إِذا شَرط رب المَال لنَفسِهِ أَن يتَصَرَّف فِي المَال بِانْفِرَادِهِ مَتى بدا لَهُ وَأَن يتَصَرَّف الْمضَارب فِي جَمِيع المَال بِانْفِرَادِهِ مَتى بدا لَهُ جَازَت الْمُضَاربَة كَمَا فِي

الذَّخِيرَة، وَقيد بِرَبّ المَال لَان الْعَاقِد لَو لم يكن رب المَال: فَإِن كَانَ أَهلا لَان يكون مضاربا فِي ذَلِك المَال كالاب وَالْوَصِيّ يجوز شَرط الْعَمَل عَلَيْهِ، وَإِن لم يكن أَهلا كالمأذون لَا يجوز كَمَا فِي الشُّرُوح اهـ.

وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي مَتْنًا بَعْضُ هَذَا.

قَوْله: (ليمكنه التَّصَرُّف) أَي ولانها فِي معنى الاجارة وَالْمَال مَحل فَيجب تَسْلِيمه.

قَوْله: (لَان الْعَمَل فِيهَا من الْجَانِبَيْنِ) فَلَو شَرط خلوص الْيَد لاحدهما لم تَنْعَقِد الشّركَة لانْتِفَاء شَرطهَا وَهُوَ الْعَمَل مِنْهُمَا.

كَذَا فِي الدُّرَر.

قَوْله: (شَائِعا) أنصافا أَو أَثلَاثًا مثلا لتحَقّق الْمُشَاركَة بَينهمَا فِي الرِّبْح قل أَو كثر.

قَالَه فِي الْبُرْهَان.

وَفِي الْبَحْر: الرَّابِع أَن يكون الرِّبْح بَينهمَا شَائِعا كالنصف وَالثلث لَا سَهْما معينا يقطع الشّركَة كمائة دِرْهَم أَو مَعَ النّصْف عشرَة اهـ ط.

أَي لاحْتِمَال أَن لَا يحصل من الرِّبْح إِلَّا مِقْدَار مَا شَرط لَهُ.

وَإِذا انْتَفَى الشّركَة فِي الرِّبْح لَا تتَحَقَّق الْمُضَاربَة لانها جوزت، بِخِلَاف الْقيَاس بِالنَّصِّ بطرِيق الشّركَة فِي الرِّبْح فَيقْتَصر على مورد النَّص.

وَفِي الْمَتْن إِيمَاء إِلَى أَن الْمَشْرُوط للْمُضَارب إِنَّمَا يكون من الرِّبْح، حَتَّى لَو شَرط مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ الرِّبْحِ فَسدتْ كَمَا فِي الخزانة، وَعَلِيهِ تَعْرِيف الْمُضَاربَة.

قَوْله: (فَلَو عين قدرا فَسدتْ) لقطعه الشّركَة فِي الرِّبْح.

وَإِذا فَسدتْ فَلهُ أجر مثله لَا يُجَاوز الْمَشْرُوط عِنْد أبي يُوسُف لرضاه بِهِ إِذا كَانَ الْمُسَمّى مَعْلُوما.

أما لَو كَانَ مَجْهُولا كَمَا هُنَا أَو لم يُوجد ربح لَا يُقَال رَضِي بِالْقدرِ الْمَشْرُوط زِيَادَة عَن حِصَّته من الرِّبْح لانه لم يرض بهَا إِلَّا مَعَ نصف الرِّبْح وَهُوَ مَعْدُوم، فالمسمى

<<  <  ج: ص:  >  >>