للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَطل الشَّرْط كاشتراط الخسران على الْمضَارب، وَكَذَا على رب المَال أَو عَلَيْهِمَا كَمَا فِي التُّحْفَة.

قَوْله: (وَصَحَّ العقد اعْتِبَارا بِالْوكَالَةِ) لَان الخسران جُزْء هَالك من المَال فَلَا يجوز أَن يلْزم غير رب المَال، لكنه شَرط زَائِد لَا يُوجب قطع الشّركَة فِي الرِّبْح، والجهالة فِيهِ لَا تفْسد الْمُضَاربَة بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة كَالْوكَالَةِ، ولان صِحَّتهَا تتَوَقَّف على الْقَبْض فَلَا تبطل بِالشّرطِ كَالْهِبَةِ.

دُرَر.

قَوْله: (وَلَو ادّعى الْمضَارب فَسَادهَا) الاخصر الاوضح أَن يَقُول: وَالْقَوْل لمُدعِي الصِّحَّة مِنْهُمَا.

قَوْله: (الْأَصْلُ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي الْعُقُودِ) قَيده فِي الذَّخِيرَة بِمَا إِذا اتَّحد العقد.

أما لَو اخْتلف العقد فَالْقَوْل لرب المَال، إِلَّا إِذا اتفقَا على مَا يَكْفِي لصِحَّة الْمُضَاربَة وَادّعى رب المَال شَرط الزِّيَادَة ليوجب فَسَاد العقد فَلَا يقبل.

وَبَيَانه: أَنه لَو ادّعى الْمضَارب اشْتِرَاط ثلث الرِّبْح وَادّعى رب المَال اسْتثِْنَاء عشرَة مِنْهُ فَالْقَوْل لرب المَال، لَان الْمضَارب يَدعِي صِحَة الْمُضَاربَة وَرب المَال يَدعِي الاجارة الْفَاسِدَة وهما مُخْتَلِفَانِ، فَصَارَ كَمَا

لَو أقرّ بالاجارة الْفَاسِدَة وَادّعى الآخر الشِّرَاء الصَّحِيح مِنْهُ كَانَ القَوْل لرب المَال لاخْتِلَاف الْعقْدَيْنِ.

أما لَو ادّعى الْمضَارب أَن الْمَشْرُوط ثلث الرِّبْح وَادّعى رب المَال الثُّلُث وَعشرَة دَرَاهِم كَانَ القَوْل للْمُضَارب لانه يَدعِي شرطا زَائِدا يُوجب فَسَاد العقد فَلَا يقبل قَوْله، كَمَا فِي البيع إِذا اتفقَا عَلَيْهِ وَادّعى أَحدهمَا أَََجَلًا مَجْهُولا يُوجب فَسَاد العقد وَأنكر الآخر، بِخِلَاف.

قَوْله: (اشْترطت لَك ثلث الرِّبْح إِلَّا عشرَة) لَان هُنَاكَ اتفقَا على مَا يَكْفِي لصِحَّة العقد، لَان الْكَلَام المقرون بِالِاسْتِثْنَاءِ تكلم بِمَا وَرَاء الْمُسْتَثْنى وَذَلِكَ مَجْهُول يمْنَع صِحَة العقد.

قَوْله: (وَلَو فِيهِ فَسَادهَا) لانه يُمكن أَن لَا يظْهر ربح إِلَّا الْعشْرَة فاستثناؤها مؤد إِلَى قطع الشّركَة فِي الرِّبْح.

قَوْله: (إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ شَرَطْتُ لَكَ ثلث الرِّبْح) قيل عَلَيْهِ لَا يظْهر اسْتثِْنَاء هَذَا الْفَرْع من الْقَاعِدَة لَان رب المَال يَدعِي الْفساد وَالْمُضَارب الصِّحَّة وَالْقَوْل لمدعيها، فَهُوَ دَاخل تَحت الْقَاعِدَة كَمَا لَا يخفى.

أَقُول: لَيست الْقَاعِدَة على إِطْلَاقهَا، بل هِيَ مُقَيّدَة بِمَا إِذا لم يدْفع مدعي الْفساد بِدَعْوَى الْفساد اسْتِحْقَاق مَال على نَفسه كَمَا هُنَا، فَحِينَئِذٍ يكون القَوْل.

قَوْله: كَمَا قدمْنَاهُ عَن الذَّخِيرَة، وَحِينَئِذٍ لَا صِحَة لقَوْل المُصَنّف فَالْقَوْل للْمُضَارب، وَالصَّوَاب فَالْقَوْل لرب المَال، لانه الْمُدَّعِي للْفَسَاد ليدفع بِدَعْوَاهُ الْفساد اسْتِحْقَاق مَال عَن نَفسه، وَحِينَئِذٍ يتم الِاسْتِثْنَاء، وَلَا وَجه لما قيل إِن القَوْل فِي هَذِه الصُّورَة قَول مدعي الصِّحَّة حَيْثُ كَانَت الْقَاعِدَة مُقَيّدَة بِمَا ذَكرْنَاهُ.

اهـ.

كَلَام الْحَمَوِيّ، فَلَمَّا كَانَ فِي كَلَام الاشباه مَا يَقْتَضِي عدم صِحَة الِاسْتِثْنَاء على مَا ذكره المُصَنّف مُوَافقا لما فِي الْخَانِية والذخيرة البرهانية فِي الْفَصْل الرَّابِع عشر مِنْهَا من الْمُضَاربَة ومخالفا للصَّوَاب حَيْثُ قَالَ: فَالْقَوْل للْمُضَارب، وَالصَّوَاب فَالْقَوْل لرب المَال على مَا ذكره الْحَمَوِيّ مُسْتَندا لعبارة الذَّخِيرَة الَّتِي نَقله عَنْهَا.

قَالَ الشَّارِح: وَمَا فِي الاشباه فِيهِ اشْتِبَاه، فَليُحرر مَا يكْشف ذَلِك الِاشْتِبَاه.

وَالَّذِي نَقله الْحَمَوِيّ عَن الذَّخِيرَة هُوَ مَا ذكره فِي الْبيُوع فِي الْفَصْل الْعَاشِر، وَهُوَ أَن مَا ذكر فِي عِبَارَته كَمَا نَقله عَنهُ مَا إِذا قَالَ الْمضَارب لرب المَال شرطت لي نصف الرِّبْح إِلَّا عشرَة وَرب المَال يَدعِي جَوَاز الْمُضَاربَة بِأَن قَالَ شرطت لَك نصف الرِّبْح.

<<  <  ج: ص:  >  >>