للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا بِمُطلق الْمُضَاربَة، لَان رب المَال لم يرض بشركة غَيره، وَهُوَ أَمر زَائِد على مَا تقوم بِهِ التِّجَارَة فَلَا يتَنَاوَلهُ مُطلق عقد الْمُضَاربَة، لَكِن يحْتَمل أَن يلْحقهَا بالتعميم.

وَقسم لَا يُمكن أَن يلْحق بهَا، وَهُوَ الاقراض والاستدانة على المَال لَان الاقرار لَيْسَ بِتِجَارَة، وَكَذَا الِاسْتِدَانَة على المَال بل تصرف بِغَيْر رَأس المَال وَالتَّوْكِيل مُقَيّد بِرَأْس المَال انْتهى.

قَوْله: (وَالشَّرِكَة) لانها فَوْقهَا.

قَوْله: (والخلط بِمَالِ نَفْسِهِ) وَكَذَا بِمَالِ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْبَحْر: أَي لانه شركَة إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعَامَلَةُ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ الْبَلَد أَنَّ الْمُضَارِبَيْنِ يَخْلِطُونَ وَلَا يَنْهَوْنَهُمْ، فَإِنْ غَلَبَ التعارف فِي مِثْلِهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَضْمَنَ كَمَا فِي التاترخانية.

وفيهَا من الثَّانِي عَشَرَ: دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا بِالنِّصْفِ ثُمَّ أَلْفًا أُخْرَى كَذَلِكَ فَخَلَطَ الْمُضَارِبُ الْمَالَيْنِ فَهُوَ على ثَلَاثَة أوجه، أما إِن قَالَ الْمضَارب فِي كل من المضاربتين اعْمَلْ بِرَأْيِكَ أَوْ لَمْ يَقُلْ فِيهِمَا أَوْ قَالَ فِي إحْدَاهُمَا فَقَطْ، وَعَلَى كُلٍّ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الرِّبْحِ فِي الْمَالَيْنِ أَوْ بَعْدَهُ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا.

فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا.

وَفِي الثَّانِي: إنْ خَلَطَ قَبْلَ الرِّبْحِ فِيهِمَا فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا، وَإِنْ بعده فيهمَا ضَمِنَ الْمَالَيْنِ وَحِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الْخَلْطِ، وَإِنْ بَعْدَ الرِّبْحِ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ ضَمِنَ الَّذِي لَا رِبْحَ فِيهِ.

وَفِي الثَّالِثِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فِي الْأُولَى أَوْ يَكُونَ فِي الثَّانِيَةِ، وَكُلٌّ عَلَى أَرْبَعَةِ

أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَخْلِطَهُمَا قَبْلَ الرِّبْحِ فِيهِمَا، أَوْ بَعْدَهُ فِي الْأُولَى فَقَطْ، أَوْ بَعْدَهُ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ، أَوْ بَعْدَهُ فِيهِمَا قَبْلَ الرِّبْحِ فِيهِمَا، أَوْ بَعْدَهُ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ قَالَ فِي الْأُولَى لَا يَضْمَنُ الْأَوَّلَ وَلَا الثَّانِيَ فِيمَا لَوْ خَلَطَ قَبْلَ الرِّبْح فيهمَا اهـ.

قَالَ فِي مُشْتَمل الاحكام: وَفِي فَتَاوَى أبي اللَّيْث إِذا دفع إِلَى رجل دَرَاهِم مُضَارَبَة وَلم يقل اعْمَلْ فِي ذَلِك بِرَأْيِك وَالْحَال أَن مُعَاملَة التُّجَّار فِي تِلْكَ الْبَلدة يخلطون الاموال وأرباب الاموال لَا ينهونهم عَن ذَلِك وَقد غلب التعارف فِي مثل هَذَا رَجَوْت أَن لَا يضمن وَيكون الامر مَحْمُولا على مَا تعارفوا.

قَوْله: (إِلَّا بِإِذن أَو اعْمَلْ بِرَأْيِك) وَفِي الْمَقْدِسِي: وَمِمَّا تفارق الْمُضَاربَة فِيهِ الْوكَالَة لَو قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِك فللمضارب أَن يضارب وَيَقُول للثَّانِي اعْمَلْ بِرَأْيِك وَيكون للثَّانِي أَن يضارب، بِخِلَاف الْوَكِيل الثَّانِي.

وَمِنْهَا لَو رام رد عبد بِعَيْب فنكل عَن الْيَمين أَنه مَا رَضِي بِهِ بَقِي العَبْد على الْمُضَاربَة، بِخِلَاف الْوَكِيل.

وَفِي الاشباه: إِذا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك ثمَّ قَالَ لَهُ لَا تعْمل بِرَأْيِك صَحَّ نَهْيه إِلَّا إِذا كَانَ بعد الْعَمَل.

اهـ.

قَوْله: (إِذْ الشئ لَا يتَضَمَّن مثله) هَذَا إِنَّمَا يظْهر عِلّة لنفي الْمُضَاربَة لَا لنفي الشّركَة مِنْهُ والخلط، فالاولى أَن يَقُول: وَلَا أَعلَى مِنْهُ، لَان الشّركَة والخلط أَعلَى من الْمُضَاربَة لانها شركَة فِي أصل المَال.

وَأورد على قَوْلهم إِذْ الشئ لَا يتَضَمَّن مثله الْمَأْذُون فَإِنَّهُ يَأْذَن لعَبْدِهِ وَالْمكَاتب لَهُ أَن يُكَاتب وَالْمُسْتَأْجر لَهُ أَن يُؤجر وَالْمُسْتَعِير لَهُ أَن يعير مَا لم يخْتَلف ف بِالِاسْتِعْمَالِ.

وَأجِيب بِأَن هَؤُلَاءِ يتصرفون بطرِيق الملكية لَا النِّيَابَة، وَالْكَلَام فِي الثَّانِي.

أما الْمَأْذُون فلَان الاذن فك الْحجر ثمَّ بعد ذَلِك يتَصَرَّف العَبْد بِحكم الملكية الاصلية وَالْمكَاتب صَار حرا يدا وَالْمُسْتَأْجر وَالْمُسْتَعِير ملكا الْمَنْفَعَة وَالْمُضَارِبُ يَعْمَلُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْصِيص عَلَيْهِ أَو التَّفْوِيض الْمُطلق إِلَيْهِ ط.

بِزِيَادَة من الْكِفَايَة.

قَوْله: (وَلَا الاقراض والاستدانة) قَالَ فِي شرح الاقطع: لَا يجوز للْمُضَارب أَن يستدين على الْمُضَاربَة وَإِن فعل ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>