للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به والله تعالى يقول في كتابه الحكيم: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) والتضرع من الضراعة وهي الذلة والخشوع والاستكانة والخفية بضم الخاء وكسرها الإسرار به فإنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء وانتصابهما على الحال أي ادعوه متضرعين بالدعاء مخفين له مسرين به ثم علل ذلك بقوله: (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) في الدعاء بترك ما أمروا به من التضرع والإخفاء كما لا يحب الاعتداء في سائر الأشياء والاعتداء تجاوز الحدود فيها فمن جاوز ما أمره الله به في شيء من الأشياء فقد اعتدى والله لا يحب المعتدين ولا يشملهم برحمته وإحسانه وتدخل المجاوزة في الدعاء في هذا العموم دخولاً أولياً وحسبك في تعيين الإسرار بالدعاء اقترانه بالتضرع في هذه الآية الكريمة فالإخلال به كالإخلال بالتضرع في الدعاء وإن دعاءً لا تضرع فيه ولا خشوع لقليل الجدوى فكذلك دعاء لا خفية فيه ولا إسرار ولا وقار] (١).

وقال العلامة ابن القيم: [وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أو المأمومين فلم يكن ذلك من هديه - صلى الله عليه وسلم - ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن] (٢).

وختم الصلاة بهذه الطريقة غير معروف عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل كان هديه - صلى الله عليه وسلم - بعد الصلاة كما يلي:

قال الإمام النووي: [وروينا في صحيح مسلم عن ثوبان - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.


(١) الإبداع ص ٢٨٣ - ٢٨٤.
(٢) زاد المعاد ١/ ٢٥٧.

<<  <   >  >>