للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفرق بينهما أن الله سبحانه وتعالى لا يعبد إلا بما شرعه على ألسنة رسله فإن العبادة حقه على عباده وحقه الذي أحقه هو ورضي به وشرعه. وأما العقود والشروط والمعاملات فهو عفو حتى يحرمها.

ولهذا نعى الله سبحانه وتعالى على المشركين مخالفة هذين الأصلين وهو تحريم ما لم يحرمه والتقرب إليه بما لم يشرعه ... ] (١).

[الأدلة من آثار الصحابة على هذا الأصل]

ومما يؤيد هذا الأصل ويدل عليه وقوف الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من السلف عند ما حدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن ذلك:

١. ما ثبت عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (أنه قبل الحجر الأسود وقال: إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر ولكني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك) متفق عليه (٢).

قال الإمام النووي: [وأما قول عمر - رضي الله عنه -: (لقد علمت أنك حجر وإني لأعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع) فأراد به بيان الحث على الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تقبيله ونبه على أنه لولا الاقتداء به لما فعله.

وإنما قال: (وإنك لا تضر ولا تنفع) لئلا يغتر بعض قريبي العهد بالإسلام الذين كانوا ألفوا عبادة الأحجار وتعظيمها رجاء نفعها وخوف الضرر بالتقصير في تعظيمها وكان العهد قريباً بذلك، فخاف عمر - رضي الله عنه - أن يراه بعضهم يقبله ويعتني به فيشتبه عليه فبين أنه لا يضر ولا ينفع بذاته وإن كان امتثال ما شرع فيه ينفع بالجزاء والثواب ... ] (٣).


(١) إعلام الموقعين ١/ ٣٤٤.
(٢) صحيح البخاري مع الفتح ٤/ ٢١٧، صحيح مسلم بشرح النووي ٣/ ٣٩٦.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ٣/ ٣٩٧.

<<  <   >  >>