للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان بحيث تكون جزءاً منه:

اعتاد كثير من المؤذنين أن يصلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أذانهم وصارت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - جزءاً من الأذان وهذا الأمر الأصل فيه سنة والكيفية بدعة وبيان ذلك بما يلي:

إن الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة بعد الأذان لا فرق في ذلك بين مؤذن وغيره ويدل على ذلك ما ثبت في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ فإنه من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) رواه مسلم (١).

ومن المعلوم أن ألفاظ الأذان وكلماته توقيفية لا يصح أن يزاد عليها أو ينقص منها شيء وكلمات الأذان تبدأ بقول المؤذن: (الله أكبر، الله أكبر)، وتنتهي بقوله: (لا إله إلا الله) فهذا هو المأثور من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان عليه الصحابة والتابعون وأهل القرون الثلاثة الأولى المشهود لهم بالخيرية.

وبناء على ما سبق أقول إن الصلاة والسلام على رسول الله لا يصح أن تجعل جزءاً من ألفاظ الأذان فإن جعلت جزءاً منه كما يفعل كثير من المؤذنين فهي من هذا الوجه وبهذه الكيفية بدعة وإن كان الأصل فيها سنة فالمطلوب من المؤذن بعد انتهاء الأذان أن يصلي ويسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن فعل ذلك فقد أصاب السنة. وأما إذا جهر بالصلاة والسلام وجعلها جزءاً من الأذان فقد ابتدع وأحدث حدثاً لم يكن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والسلف الصالح من أئمة المسلمين وقد بين الشيخ علي محفوظ تاريخ هذه البدعة فقال: [ومن البدع المختلف في حسنها وذمها الصلاة والسلام على


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٢/ ٦٦.

<<  <   >  >>