وَتَصْدِيَةً) قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وغيرهما من السلف " التصدية " التصفيق باليد والمكاء مثل الصفير فكان المشركون يتخذون هذا عبادة وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فعبادتهم ما أمر الله به من الصلاة والقراءة والذكر ونحو ذلك، والاجتماعات الشرعية ولم يجتمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على استماع غناء قط لا بكف ولا بدف ولا تواجد ولا سقطت بردته بل كل ذلك كذب باتفاق أهل العلم بحديثه.
وكان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتمعوا أمروا واحداً منهم أن يقرأ والباقون يستمعون وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول لأبي موسى الأشعري: ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يستمعون ومرًّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال له:(مررت بك البارحة وأنت تقرأ فجعلت أستمع لقراءتك فقال: لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيراً) أي لحسنته لك تحسيناً كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (زينوا القرآن بأصواتكم) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لله أشهد أذناً أي استماعاً إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته) وقال - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود:(اقرأ عليَّ القرآن فقال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال: إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى انتهيت إلى هذه الآية: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا) قال: حسبك فإذا عيناه تذرفان من البكاء.
ومثل هذا السماع هو سماع النبيين وأتباعهم كما ذكره الله في القرآن فقال:(أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْءَايَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) وقال في أهل المعرفة: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) ومدح سبحانه أهل هذا السماع بما يحصل لهم من زيادة الإيمان واقشعرار الجلد ودمع العين فقال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ