للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ تاج الدين الفاكهاني: [لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار المتقدمين] (١).

وقال الونشريسي تحت عنوان " التحبيس - الوقف - على إقامة ليلة المولد ليس بمشروع ": [وسئل الأستاذ أبو عبد الله الحفار عن رجل حبس أصل توت على ليلة مولد سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم مات المحبس فأراد ولده أن يتملك أصل التوت المذكور فهل له ذلك أم لا؟

فأجاب: وقفت على السؤال فوقه - وليلة المولد لم يكن السلف الصالح وهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون لهم يجتمعون فيها للعبادة ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ُيعظم إلا بالوجه الذي شرع فيه تعظيمه، وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله لكن يتقرب إلى الله جل جلاله بما شرع، والدليل على أن السلف لم يكونوا يزيدون فيها زيادة على سائر الليالي أنهم اختلفوا فيها، فقيل إنه - صلى الله عليه وسلم - ولد في رمضان، وقيل في ربيع، واختلف في أي يوم ولد فيه على أربعة أقوال، فلو كانت تلك الليلة التي ولد في صبيحتها تحدث فيها عبادة بولادة خير الخلق - صلى الله عليه وسلم - لكانت معلومة مشهورة لا يقع فيها اختلاف، ولكن لم تشرع زيادة تعظيم ألا ترى أن يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس وأفضل ما يفعل في اليوم الفاضل صومه وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الجمعة مع عظيم فضله فدل هذا على أنه لا تحدث عبادة في زمان ولا في مكان إلا إن شرعت، وما لم يشرع لم يفعل، إذ لا يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما أتى به أولها ولو فتح هذا الباب لجاء قوم فقالوا: يوم هجرته إلى المدينة يوم أعز الله فيه الإسلام فيجتمع فيه ويتعبد، ويقول آخرون


(١) عمل المولد ص ٢٠ - ٢١ نقلاً عن التبرك أنواعه وأحكامه ص ٣٦٢، وانظر الحاوي ١/ ١٩٠ - ١٩١ فقد نقل كلام الفاكهاني.

<<  <   >  >>