للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي الزبير أنه سمع جابراً يقول: (رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه) (١).

قال الإمام النووي في شرحه للحديث: (وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لتأخذوا مناسككم) فهذه اللام لام الأمر ومعناه خذوا مناسككم وهكذا وقع في رواية غير مسلم، وتقديره هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته وهي مناسككم فخذوها عني واقبلوها واحفظوها واعملوا بها وعلموها الناس.

وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج وهو نحو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (صلوا كما رأيتموني أصلي)] (٢).

ولفظ رواية النسائي: (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة وهو على بعيره وهو يقول يا أيها الناس خذوا عني مناسككم فإن لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا) (٣).

فهذان الحديثان يدلان على أن الأصل في العبادات هو التوقيف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يثبت شيء من العبادات إلا بدليل من الشرع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وجماع الدين أصلان أن لا يعبد إلا الله ولا نعبده إلا بما شرع لا نعبده بالبدع، كما قال تعالى:

(فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (٤).


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٣/ ٤١٩.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم ٣/ ٤٢٠.
(٣) سنن النسائي ٥/ ٢٧٠.
(٤) سورة الكهف الآية ١١٠.

<<  <   >  >>