للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طوافه لأن مكان الطواف البيت، قال الله تعالى لإبراهيم الخليل: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)] (١).

فائدة لطيفة: قال الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بن السبكي: [وجدت بخط الوالد - رضي الله عنه - يقصد والده وهو الإمام علي بن عبد الكافي السبكي -: فكرت عند الاضطجاع في قول المضطجع: باسمك اللهم وضعت جنبي وباسمك أرفعه، فأردت أن أقول: إن شاء الله تعالى، في " أرفعه " لقوله تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ثم قلت في نفسي: إن ذلك لم يرد في الحديث في هذا الذكر المنقول عند النوم ولو كان مشروعاً لذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أوتي جوامع الكلم فتطلبت فرقاً بينه وبين كل ما يجريه الإنسان من الأمور المستقبلة المستحب فيها ذكر المشيئة.

ولا يقال: إن " أرفعه " حال ليس بمستقبل لأمرين: أحدهما: أن لفظه وإن كان كذلك لكنا نعلم أن رفع جنب المضطجع ليس حال اضطجاعه.

والثاني: أن استحباب المشيئة عام فيما ليس بمعلوم الحال أو المضي. وظهر لي أن الأولى الاقتصار على الوارد في الحديث في الذكر عند النوم بغير زيادة وأن ذلك ينبه على القاعدة ويفرق بها بين تقدم الفعل على الجار والمجرور وتأخره عنه فإنك إذا قلت: أرفع جنبي باسم الله كان المعنى بالإخبار الرفع وهو عمدة الكلام وجاء الجار والمجرور بعد ذلك تكملة وإذا قلت: باسم الله أرفع جنبي كان المعنى الإخبار بأن الرفع كائن باسم الله وهو عمدة الكلام.

فافهم هذا السر اللطيف وتأمله في جميع موارد كلام العربية تجده يظهر لك به شرف كلام المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وملازمة المحافظة على الأذكار المأثورة عنه عليه أفضل الصلاة والسلام] (٢).


(١) الإبداع في كمال الشرع ص ٢٠ - ٢٣.
(٢) طبقات الشافعية ١٠/ ٢٨٧.

<<  <   >  >>