وقال ابن النجار الحنبلي:[التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلك كما فعل لأجل أنه فعل وأما التأسي في الترك فهو أن تترك ما ترك لأجل أنه ترك](١).
وقال العلامة ابن القيم: [فصل نقل الصحابة ما تركه - صلى الله عليه وسلم - وأما نقلهم لتركه - صلى الله عليه وسلم - فهو نوعان وكلاهما سنة. أحدهما: تصريحهم بأنه ترك كذا وكذا ولم يفعله، كقوله في شهداء أحد: ولم يغسلهم ولم يصل عليهم. وقوله في صلاة العيد: لم يكن أذان ولا إقامة ولا نداء. وقوله في جمعه بين الصلاتين: ولم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة منهما. ونظائره.
والثاني: عدم نقلهم لما لو فعله لتوفرت هممهم ودواعيهم أو أكثرهم أو واحد منهم على نقله فحيث لم ينقله واحد منهم البتة ولا حدث به في مجمع أبداً علم أنه لم يكن وهذا كتركه التلفظ بالنية عند دخوله في الصلاة أو تركه الدعاء بعد الصلاة مستقبل المأمومين وهم يؤمنون على دعائه دائماً بعد الصبح والعصر أو في جميع الصلوات وتركه رفع يديه كل يوم في صلاة الصبح بعد رفع رأسه من الركوع الثانية، وقوله: اللهم اهدنا فيمن هديت. يجهر بها ويقول المأمومون كلهم: آمين. ومن الممتنع أن يفعل ذلك ولا ينقله عنه صغير ولا كبير ولا رجل ولا امرأة البتة وهو مواظب عليه هذه المواظبة لا يخل به يوماً واحداً وتركه الاغتسال للمبيت بمزدلفة ولرمي الجمار ولطواف الزيارة ولصلاة الاستسقاء والكسوف.
ومن هاهنا يعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنة فإن تركه - صلى الله عليه وسلم - سنة كما أن فعله سنة فإذا استحببنا فعل ما تركه كان نظير استحبابنا ترك ما فعله ولا فرق.
فإن قيل: من أين لكم أنه لم يفعله وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم؟