وأنشدنا الفقيه الأستاذ المحرز لقصب السبق في كل خير، أبو بكر محمد بن خير، قال: أنشدنا غير واحد، قالوا: أنشدنا الوزير أبو الحسين سراج بن عبد الملك ابن سراج، كبير دار الخلافة، المنفرد بالشرف والإنافة؛ يخاطب الملك الراضي ابن المعتمد على الله أبي القاسم محمد بن عباد.
قال ذو النسبين رضي الله عنه: وقد أدركت جماعة من أصحاب أبي الحسين ابن سراج، ورحلت إلى قرطبة أم بلاد الأندلس، فأنشدني الشيخ الفقيه المحدث المؤرخ القاضي بأركش أبو القاسم بن بشكوال، قال: أنشدنا أبو القاسم خلف بن عمر صاحبنا، قال: أنشدنا أبو الحسين بن سراج لنفسه:
بُثَّ الصّنائعَ لا تَحفل بموقِعها ... من آمل شَكَر الإحسان أو كَفراَ
فالغيثُ ليس يبالي أينما انسكَبتْ ... منه الغمائِمُ تُرباً كان أو حَجراَ
قيدنا بث الصنائع بفتح الثاء، إذ الفتحة أخف الحركات والعرب تؤثرها. ويجوز كسر الثاء لالتقاء الساكنين، كما روى النحويون بيت الحرير:
فغُضّ الطّرف إنّك من نُمَير ... فلا كَعْباً بلغَت ولا كِلاَبَا
فجوزوا كسر الضاد من غض لالتقاء الساكنين، وفتحها لخفة الفتحة، وضمها على اتباع الضمة قبلها وهو أضعفها. وله نظائر في النحو كثيرة.