وسأل البواب فأوصل الرقعة إليه، فلما قرأها وعرف موضعه جاء حافياً إليه، وسأله الحضور ففعل. ثم قال ممازحاً: هات الكسرة التي زعمت أنك ترفع عنا مئونتها. فقال: أنصرف فآتيك بها. فأقام أحمد عنده أياماً. وقد ذكر هذه الحكاية الحميدي في جذوة المقتبس له مبتورة مصحفة.
وزرياب عندهم كان يجري مجرى الموصلي في الغناء، وله طرائق أخذت عنه، وأصوات أستفيدت منه. وقدمناه ذكره عند ذكر الغزال، وسقنا خبره.
ومن شعر ابن عبد ربه:
الجسمُ في بلد والرّوحُ في بلدِ ... يا وَحْشةَ الرُّوح بل يا غُرْبة الجَسَدِ
إن تَبْك عيناكَ لي مَن كَلفْتُ به ... مِن رحمةٍ فهُما سَهمَاك في كَبِدي
قال الحميدي: ومما أنشدنيه من شعره أبو محمد علي بن أحمد، واخبرني أن بعض من كان يألفه أزمع على الرحيل في غداة ذكرها، فأتت السماء في تلك الغداة بمطر جود حال بينه وبين الرحيل، فكتب إليه أبو عمر: