القسطلي الفائقة بقلائد الولائد أراجيوه وقصائده. ومن جرى مجراهم من المجيدين في الجد والهزل، ورقيق النظم الجزل؛ كصاحبنا الوزير أبي القاسم بن البراق، المعدود في الشعراء السباق؛ مررت على بلده ومقره، فخرج إلى متلقياً مع أهل مصره؛ وقد داسته حوادث الأيام دوسا، وغادرت صعدة قوامه قوسا وهو يسلك مسالك أهل الصبا، ويميل به الأدب طوراً إلى الجنوب وآونة مع الصبا؛ فعاتبته على بذل نفسه في طاعة الهوى جهد الاستطاعة، مع ما أعطاه الله من المعرفة والآداب ونفائس البضاعة؛ فقال لي: إنه كان وبرد شبابه قشيب، وغضن اعتداله رطيب؛ بقميص النُّسك متقمص، وبعلم الحديث متخصص؛ واجتاز يوماً وبيده مجلد من
صحيح مسلم، بقصر بعض الملوك الأكابر، وهو من بعض مناظره ناظر، لكل من هو بمدرجة القصر خاطر؛ وحسن المثاني والمثالث لديه عال، ومجلس انسه بخواص ندمائه حال؛ فقال: اطلعوا لنا بهذا الفقيه فلعلنا نضحك منه ونمازحه، ونجاريه في ميدان الأدب إن كان من أهله ونطارحه؛ فلما مثل بين يديه وحيا، أمر الساقي بمناولته كأس الحُميّا؛ فتقبض متأففا، وأبدى تمعراً وتقشفاً؛ والسلطان يستغرب ضحكاً من مستغرب حركاته لما هجم الرجل عليه، ويد الساقي ممدودة إليه؛ واتفق في خلال ذلك أن انشقت من ذاتها صراحية من صافي الزجاج، فسال منها