للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا كانت الصلاة تنقل نقلاً مباشراً فهل تصح الصلاة خلف هذا الإمام الذي تنقل صلاته، أو نقول بأن هذه الصلاة غير صحيحة؟ هذه المسألة اختلف فيها العلماء المتأخرون ولهم في ذلك قولان:

القول الأول:أن هذا غير جائز ,وهذا قال به أكثر العلماء رحمهم الله.

واستدلوا على ذلك بأدلة منها:

أن الصلاة عبادة والعبادات توقيفية كما قال الله - عز وجل -: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} (١) .

وأيضاً قول الله - عز وجل -: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} (٢) .وكون الإنسان يتابع الإمام وهو في بلد والإمام في بلد آخر نقول أن هذا محدث ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أن صلاة الجماعة وردت في الشرع على هيئة معينة، وهذه الهيئة أن يكون هناك اجتماع بين الإمام والمأمومين في مكان واحد وفي زمان واحد،وهيئات العبادة توقيفي والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال " لا صلاة لمنفرد خلف الصف " (٣) .فإذا كان المنفرد خلف الصف لا تصح صلاته , قال ابن القيم: [فكيف بمن كان منفرداً عن الصف وعن الجماعة!] (٤) .

قالوا بأن هذا يلزم منه تعطيل صلاة الجماعة ولأدى ذلك أيضاً إلى أن يصلي الناس في بيوتهم وأيضا تتعطل الآثار والفوائد المترتبة على صلاة الجماعة من تلاقي الناس في المسجد وبعث المودة والمحبة والألفة وأخوة الرابطة.

قالوا بأنه قد يحصل خلل في هذه الوسيلة التي نقلت الصلاة كأن ينقطع التيار أو أن ينقطع البث ثم بعد ذلك تتعطل المتابعة.

الرأي الثاني: قالوا بالصحة استدلوا بأدلتهم.


(١) الشورى٢١
(٢) القصص٦٥
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (١٣ / ٢ / ١) . ورواه ابن ماجه (١٠٠٣) وابن خزيمة (١ / ١٦٤ / ٢) وابن حبان في صحيحه (٤٠١ و ٤٠٢) والبيهقي وأحمد (٤ / ٢٣) وابن عساكر (١٥ / ٩٩ / ١)
(٤) الصلاة وحكم تاركها ١/ ١٤٨

<<  <   >  >>