البخاري رحمه الله بوب في صحيحه قال: باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله. ويؤخذ من هذا أن البخاري يذهب إلى هذا المذهب وأنه لا بأس بالموعظة في المقبرة إذا كان ذلك على سبيل الخصوص إذا كان الإنسان يجلس وحوله أصحابه ويذكرهم كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
واستدل على ذلك بحديث علي - رضي الله عنه - قال:" كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله فقال: ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة أو النار، فقالوا يا رسول الله ألا نعتمد على كتابنا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" لا اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له " أخرجه البخاري وكذلك أيضاً. وكذلك أيضاً حديث البراء بن عازب.
أما كون الإنسان يقوم خطيباً وواعظاً فهذا لم يفعله - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة - رضي الله عنهم -.
المسألة السابعة: إحضار المشروبات إلى المقبرة.
فبعض الناس يحضر شيئاً من المشروبات وقد يكون هذا ماءاً وقد يكون غير ذلك من المشروبات فهل هذا جائز أم نقول ليس جائزاً؟
الحكمة من حضور الجنازة وزيارة المقابر هو تذكر الموت والاتعاظ والرجوع إلى الله عزوجل والتخلي عن أمور الدنيا والتعلق بها من اللباس والطعام والشراب، فالمقابر لم تجعل للأكل والشرب ونحو ذلك وإنما شرع إتباع الميت للقيام بحقه والتذكر وانتفاع الميت بالدعاء له وانتفاع التابع بأنه يتذكر الموت والدار الآخرة والتقلل من شؤون الدنيا والعزوف عن الدنيا ويرجع وينيب..إلخ.
فهذه هي الحكمة أما إحضار هذه المشروبات إلى المقابر فهذه مصادمة لهذه الحكمة التي من أجلها شرع زيارة المقابر وإتباع الأموات وحضور الجنائز , فنقول أقل أحوالها أنها غير مشروعة، ويؤيد ذلك أنه لم يفعل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة والعبادات توقيفية.