وكذلك مما يدل على ذلك حديث أنس المتقدم حين قال الرجل متى الساعة يا رسول الله فجعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم يشيرون إليه وهذا نوع من العمل.
ومثله أيضاً حديث معاوية بن الحكم حين تكلم في الصلاة فجعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم يشيرون إليه أن يسكت ويضربون بأفخاذهم.
والحنابلة نصوا على أن من رأى منكراً في أثناء الخطبة فله أن يشير إلى صاحب المنكر أن ينتهي عن منكره، وأيضاً نص الفقهاء قالوا لا بأس للإنسان أن يشرب الماء في أثناء الخطبة، وكذلك نصوا على أنه إذا لحقه نعاس له أن يتحول من مكان إلى مكان آخر لطرد النعاس وله أن يستاك إذا احتاج إليه لطرد النعاس , وكذلك نصوا لو أن الإنسان تصدق على فقير في أثناء الخطبة أن هذا جائز ولا بأس به.
وعلى هذا نفهم أنه لا بأس على العمل على إصلاح مكبرات الصوت في أثناء الخطبة وأن هذا لا يعتبر من اللغو , أو العمل على تسجيل الخطبة أو على العمل على نقل الخطبة إلى مكان آخر فهذا كله جائز ولا بأس به.
المسألة الثالثة: ترجمة الخطبة بعد الصلاة لمن لا يتكلم بالعربية.
أهل العلم رحمهم الله اختلفوا في خطبة الجمعة هل يشترط أن تكون بالعربية أو أنها تصح بكل لسان؟ للعلماء رحمهم الله في ذلك ثلاثة آراء:
الرأي الأول: أنه يشترط تكون الخطبة بالعربية وهذا مذهب الإمام مالك والشافعي.
واستدلوا على ذلك:
بحديث مالك بن الحويرث أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: " صلوا كما رأيتموني أصلي" (١) .
والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب بالعربية.
وقالوا أيضاً بأن الأذكار توقيفية كقراءة القرآن فهذه يتوقف فيها على النص وكما أن القرآن لا يقرأ ولا يترجم ترجمة حرفية فكذلك أيضاً الخطبة.
والرأي الثاني:أن الخطبة تصح بكل لغة، وهذا مذهب أبي حنفية رحمه الله , واستدل على ذلك:
(١) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الآذان باب الأذان للمسافر (١ / ١٦٢)