والصحيح في هذه المسألة أنه يجوز عند وجود الغرض الصحيح فلا بد أن يكون هناك سبب أو غرض صحيح يدفع إلى جواز التشريح، كأن يصاب هذا الشخص بمرض ,وهذا المرض يخشى تعديه على المجتمع لكونه مرضاً حادثاً طارئاً لم تتخذ له العلاجات والوقايات.
والعلة في ذلك أن المصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة فتقدم أعلى المصلحتين على أدناهما وترتكب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما , وذلك أن تحصين المجتمع من الأمراض ووقايته منها هذه مصلحة عامة وحرمة الميت مصلحة خاصة فتقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
والعلماء رحمهم الله جوزوا التشريح الجنائي حتى بعد موت الميت ودفنه لما يترتب على ذلك من المصلحة العظيمة التي تقدم على مصلحة حرمة الميت وحرمة انتهاكه بعد دفنه لكن التشريح من أجل التعلم هذا لا يجوز بعد دفن الميت وكذلك أيضاً التشريح المرضي هذا أيضاً لا يجوز.
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن نبش القبر يجوز في مواضع منها:
الموضع الأول: إذا دفن الميت بلا تغسيل فجمهور أهل العلم قالوا يجوز أن ينبش القبر ثم يغسل الميت ما لم يتغير الميت كما لو تغيرت حالته أو تفسخ ونحو ذلك فإنه لا ينبش في هذه الحالة لكن إذا كان الميت قريب العهد بالدفن ودفن بلا تغسيل قال العلماء أنه يجوز أن ينبش لكي يغسل.
الموضع الثاني: إذا دفن إلى غير القبلة فالشافعية والحنابلة قالوا بأنه لا بأس أن ينبش من قبره ويدفن إلى القبلة.
الموضع الثالث: لو دفن قبل الصلاة عليه، فالحنابلة والمالكية قالوا لا بأس أن ينبش وأن يصلى عليه.
الموضع الرابع: لو دفن بلا كفن فالحنابلة جوزوا نبشه وتكفينه ثم بعد ذلك يدفن والشافعية منعوا من ذلك.
الموضع الخامس: لو دفن في أرض مغصوبة فالفقهاء يتفقون على أنه يجوز أن ينبش وأن يدفن مع الناس.