للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجمع إما أن يكون في السفر وإما أن يكون في الحضر , أما في السفر فهذا جائز مطلقاً فيجوز للمسافر أن يجمع في السفر حتى وإن لم يكن هناك مشقة لأن العلماء رحمهم الله اعتبروا هنا المظنة وهي مظنة المشقة , إلا إذا كان داخل البلد فإنه يجب عليه أنه يصلي مع الناس الصلاة الأولى ثم بعد ذلك إن أراد أن يصلي معها الصلاة الثانية فله ذلك ,والأفضل لمن كان غير سائر أن يصلي كل صلاة في وقتها، وإن كان سائراً فالأفضل أن يجمع.

أما في الحضر: فهذا موضع خلاف هل الحضر موضع للجمع أو ليس موضعاً للجمع؟

الأصل أن تؤدى الصلاة في وقتها لأن الله - عز وجل - قال: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} (١) ، وأيضاً أحاديث المواقيت كثيرة جداً:

وورد عن عمر- رضي الله عنه - قال: " من جمع بين الصلاتين بلا عذر فقد أتى باباً من الكبائر ".

وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى:" لا يجوز أن تؤخر صلاة النهار إلى الليل لا لصنعة ولا شغل باتفاق الفقهاء" (٢) .

فالأصل أن تؤدى الصلاة في وقتها لكن قد يكون هناك مشقة لتأدية الصلاة في وقتها.

فالحضر هل هو محل للجمع أو ليس محلاً للجمع؟

مذهب الحنابلة هو أوسع المذاهب في هذه المسألة - الجمع في الحضر- يقولون: الجمع يجوز بين الصلاتين في كل عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، وقالوا الحاجة والمشقة تبيح الجمع بين الصلاتين، وهذا قال به بعض السلف مثل: ابن سيرين والخطابي وشيخ الإسلام بن تيمية ومن المتأخرين الشيخ محمد رشيد رضا والشيخ أحمد شاكر رحمهم الله، واشترط بعض هؤلاء العلماء أن لا يتخذ ذلك عادة.

وأضيق المذاهب في الجمع مذهب الحنفية فهم لا يجوزون الجمع لا في سفر ولا في حضر، وإنما يجوزونه فقط في عرفة ومزدلفة مع الإمام وأما ما عدا ذلك فهو عندهم جمع صوري يؤخر وقت الأولى ويعجل الثانية.


(١) النساء١٠٣
(٢) مجموع الفتاوى: ٢٢/٢٧

<<  <   >  >>