واستدلوا على ذلك ما تقدم من حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه" إذا مت فلا تؤذنوا بي فإني أخاف أن يكون نعياً فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن النعي ".
وأيضاً قالوا بأن هذا فيه تشبهاً بأهل الجاهلية،فإن أهل الجاهلية كان إذا مات فيهم الميت يصعدون على المرتفعات ويقفون في مجامع الناس فينادى بأن فلان قد مات ويذكرون شيئاً من مآثره ومناقبه..إلخ.
الرأي الثاني: أن هذا جائز ولا بأس به وهو رأي الحنفية.
واستدلوا على ذلك:
بأن الأصل في ذلك الجواز.
وأيضاً استدلوا بما تقدم أن - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه.
وكذلك أيضاً أن - صلى الله عليه وسلم - نعى أصحاب سرية مؤتة.
الرأي الثالث: التفصيل إذا كان المقصود في ذلك غرض صحيح ومصلحة فإن هذا جائز مثلاً المقصود أن يصلى عليه وأن تشهد جنازته وكذلك أيضاً أن يتعاون الناس في تغسيله وتكفينه ودفنه، وكذلك أيضاً من كان له دين أو معاملة من هذا الميت يأتي لكي يأخذ حقه منه لأنه قد لا يتمكن من ذلك إلا عن طريق وسائل الإعلام فإن هذا جائز ولا بأس به بل هو مطلوب لأن فيه إبراء لذمة الميت وهذا قال به طائفة من فقهاء الشافعية.وهذا القول هو الأقرب.
الصورة الثالثة: أن يكون ذلك مُشْبِهاً لنعي أهل الجاهلية أن يُبعث من ينادي في الناس ومجامعهم ونواديهم فيذكر محاسنه ومآثره وقد يصحب ذلك شيء من الصياح والنياحة، فهذا نعي مذموم ومنهي عنه.
فتلخص لنا أن النعي أن يكون قبل تجهيز الميت وقبل تغسيله وقبل تكفينه وقبل الصلاة عليه لكي يتساعد الناس في تجهيزه ولكي يجتمعوا على الصلاة عليه هذا أمر مطلوب ومشروع لأن - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وكذلك أيضاً النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى أصحاب سرية مؤتة هذا قبل تجهيزه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه.