بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ نَذْكُرْ فِي الْمَتْنِ مَسْأَلَةَ الْكُوزِ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ فِي كُتُبِنَا ذِكْرُهُمَا مَعًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُنْبِئُ عَنْ الْآخَرِ (قُلْنَا مَوْقُوفٌ عَلَى فَهْمِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى إرَادَتِهِ إذْ لَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَالْمُرَادُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَالْمَجَازِيُّ فِيهَا أَيْ فِي الْإِرَادَةِ فَإِذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إرَادَةِ الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ إمْكَانُ الْأَوَّلِ وَحَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى فَهْمِ الْأَوَّلِ وَفَهْمُ الْأَوَّلِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ يَكْفِي صِحَّةُ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ (فَإِذَا فُهِمَ الْأَوَّلُ وَامْتَنَعَ إرَادَتُهُ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ لَازِمُهُ وَهُوَ عِتْقُهُ مِنْ حِينِ مِلْكِهِ) فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَازِمٌ لِلْبُنُوَّةِ (فَيُجْعَلُ إقْرَارًا فَيُعْتَقُ قَضَاءً مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ وَلَا يُعْتَقُ بِقَوْلِهِ يَا بُنَيَّ لِأَنَّهُ لِاسْتِحْضَارِ الْمُنَادَى بِصُورَةِ الِاسْمِ بِلَا قَصْدِ الْمَعْنَى فَلَا تَجْرِي الِاسْتِعَارَةُ لِتَصْحِيحِ الْمَعْنَى فَإِنَّ الِاسْتِعَارَةَ تَقَعُ أَوَّلًا فِي الْمَعْنَى وَبِوَاسِطَتِهِ فِي اللَّفْظِ) فَيُسْتَعَارُ أَوَّلًا
ــ
[التلويح]
عِتْقَهُ بِالْبُنُوَّةِ أَمْرٌ مُسْتَحِيلٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ إعْتَاقٌ، وَالْإِقْرَارُ يَبْطُلُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ دَلِيلُ الْكَذِبِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ كَذِبًا بِيَقِينٍ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ لِلْإِقْرَارِ، وَالْمُسْتَحِيلُ إنَّمَا هُوَ الْبُنُوَّةُ لَا الْحُرِّيَّةُ مِنْ حِينِ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ قَالَ أُعْتِقَ عَلَيَّ مِنْ حِينِ مَلَكْته كَانَ صَحِيحًا فَإِنْ قِيلَ الْإِعْتَاقُ لَمْ يُوجَدْ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا بِأَنْ سَبَقَ مِنْهُ إعْتَاقٌ فَقَدْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا يَعْتِقُ قَضَاءً مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَعْتِقُ دِيَانَةً فَالْعِتْقُ قَضَاءٌ لَازِمٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
فَإِنْ قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا عَنْ الشَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ كَمَا إذَا قَالَ هَذَا أَخِي يَحْتَمِلُ الْأُخُوَّةَ فِي الدِّينِ، وَالِاتِّحَادَ فِي الْقَبِيلَةِ وَالْأُخُوَّةَ فِي النَّسَبِ فَلَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ أَرَادَ الْأُخُوَّةَ أَبًا وَأُمًّا قُلْنَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ غَيْرُ نَاشِئٍ عَنْ دَلِيلٍ لِأَنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ هُوَ الْعِتْقُ لَا غَيْرُ فَيَكُونُ مَجَازًا مُتَعَيَّنًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ بِخِلَافِ هَذَا أَخِي، وَفِيهِ نَظَرٌ.
فَإِنْ قِيلَ فَيَجِبُ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ، وَهِيَ أَصْغَرُ مِنْهُ سِنًّا هَذِهِ بِنْتِي قُلْنَا لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ لِأَنَّ حُكْمَ النَّسَبِ لَيْسَ إزَالَةَ الْمِلْكِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بَلْ انْتِفَاءُ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ مِنْ الْأَصْلِ، وَذَلِكَ حَقُّهَا لَا حَقُّهُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مِنْ حُكْمِ الْبُنُوَّةِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ ابْنَهُ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْعِتْقِ.
فَإِنْ قِيلَ إذَا قَالَ لِعَبْدٍ يَا ابْنِي يَجِبُ أَنْ يَعْتِقَ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ، وَتَعَيُّنِ الْمَجَازِ قُلْنَا وُضِعَ النِّدَاءُ لِاسْتِحْضَارِ الْمُنَادَى وَطَلَبِ إقْبَالِهِ بِصُورَةِ الِاسْمِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى مَعْنَاهُ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى تَصْحِيحِ الْكَلَامِ بِإِثْبَاتِ مُوجَبِهِ الْحَقِيقِيِّ أَوْ الْمَجَازِيِّ بِخِلَافِ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ لِتَحْقِيقِ الْمُخْبَرِ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْحِيحِهِ بِمَا أَمْكَنَ. فَإِنْ قِيلَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ بِمِثْلِ يَا حُرُّ قُلْنَا لَفْظُ الْحُرِّ مَوْضُوعٌ لِلْمُعْتَقِ، وَعَلَمٌ لِإِسْقَاطِ الرِّقِّ فَيَقُومُ عَيْنُهُ مَقَامَ مَعْنَاهُ حَتَّى لَوْ قَصَدَ التَّسْبِيحَ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ عَبْدِي حُرٌّ يَعْتِقُ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الِاسْتِعَارَةَ تَقَعُ أَوَّلًا، فِي الْمَعْنَى)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute