للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَوْقُوفٌ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمَوْضُوعِ لَهُ فَيَكُونُ اللَّازِمُ خَلَفًا وَفَرْعًا لِلْمَوْضُوعِ لَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْخَلَفِيَّةِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ (فَلَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِهِ) أَيْ إمْكَانِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعُ لَهُ لِتَوَقُّفِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ عَلَيْهِ وَأَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْخَلَفِ إمْكَانُ الْأَصْلِ (كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَسِّ السَّمَاءِ) فَإِنَّ إمْكَانَ الْأَصْلِ فِيهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْخَلَفِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَحْلِفَ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَأَمَسُّ السَّمَاءَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ خَلَفٌ عَنْ الْبِرِّ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُمْكِنُ الْبِرُّ يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُ الْبِرُّ لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فَفِي مَسْأَلَةِ مَسِّ السَّمَاءِ الْبِرُّ وَهُوَ مَسُّ السَّمَاءِ مُمْكِنٌ فِي حَقِّ الْبَشَرِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِنْ حَلَفَ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْبِرُّ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَالْمُسْتَشْهَدُ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ وَالْفَرْقُ الَّذِي

ــ

[التلويح]

مُمْكِنًا فَلَا يَبْقَى الْيَمِينُ عَلَى خِلَافِ مَا انْعَقَدَتْ أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ قَتْلِ الْمَيِّتِ، وَقَلْبِ الْحَجَرِ فَالْيَمِينُ قَدْ انْعَقَدَتْ ابْتِدَاءً عَلَى الْقُدْرَةِ فِي الْجُمْلَةِ لَا عَلَى الْإِمْكَانِ فِي الظَّاهِرِ، وَلَمْ تَنْعَقِدْ الْيَمِينُ عَلَى مَاءٍ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكُوزِ كَمَا انْعَقَدَتْ عَلَى حَيَاةٍ يُحْدِثُهَا اللَّهُ فِي الشَّخْصِ بَعْدَمَا حَلَفَ مَعَ الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْخَلْقِ لَا يَكُونُ الْمَاءُ الَّذِي فِي الْكُوزِ وَقْتَ الْيَمِينِ، وَلَا يُقَدِّرُ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ إنْ خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهِ كَمَا يُقَدِّرُ لَأَقْتُلَنَّ الشَّخْصَ إنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ إشَارَةٌ إلَى مَوْجُودٍ لِكَوْنِهِ مُشَارًا إلَيْهِ، وَتَقْدِيرُ الشَّرْطِ يَقْتَضِي عَدَمَهُ فَيَلْزَمُ اتِّصَافُ الشَّيْءِ بِالْوُجُودِ وَالْعَدَمِ، وَهُوَ مُحَالٌ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا فُهِمَ الْأَوَّلُ) أَيْ كَوْنُ الْمُشَارِ إلَيْهِ ابْنًا لَهُ، وَامْتَنَعَ إرَادَتُهُ لِلْقَرِينَةِ الْمَانِعَةِ عَنْ ذَلِكَ، وَهِيَ كَوْنُهُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ أَوْ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ الْقَائِلِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ لَازِمُهُ أَيْ لَازِمُ كَوْنِهِ ابْنًا لَهُ، وَهُوَ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْمِلْكِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ حَيْثُ أَطْلَقَ الِابْنَ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِابْنٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَازِمٍ مَشْهُورٍ، وَهُوَ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْمِلْكِ، وَهُوَ فِي الِابْنِ أَقْوَى وَأَشْهَرُ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ مِنْ أَسْبَابِ الْعِتْقِ، وَهِيَ هَاهُنَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ ثَابِتًا، وَلَا نَسَبَ ثَمَّ ادَّعَاهُ فَثَبَتَتْ الْبُنُوَّةُ فَيُعْتَقُ، وَالْحُكْمُ فِي عِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يُضَافُ إلَى آخِرِهِمَا وُجُودًا لَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعِتْقَ هَاهُنَا لَا سِيَّمَا فِي الْأَكْبَرِ سِنًّا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبُنُوَّةِ فَلَا يَكُونُ مُسَبَّبًا عَنْهَا، وَالسَّبَبُ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى مُسَبِّبِهِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ إقْرَارًا) جَوَابٌ لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِ هَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ إنْ جُعِلَ مَجَازًا لِإِنْشَاءِ الْحُرِّيَّةِ فَالْمَعْنَى الْمَذْكُورُ، وَهُوَ أَنَّهُ عَتَقَ عَلَيَّ مِنْ حِينِ مَلَكْتُهُ إقْرَارٌ لَا إنْشَاءٌ، وَلِهَذَا يَبْطُلُ بِالْكُرْهِ وَالْهَزْلِ، وَلَا يُقْبَلُ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ جُعِلَ مَجَازًا لِلْإِقْرَارِ فَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ بِيَقِينٍ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>