الشَّرْطِ هُنَا مَحْذُوفٌ أَيْ فَبِهَا وَنِعْمَتْ أَوْ فَالْخَبَرُ ذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ الْخَبَرُ (يُقَدَّرُ مِنْ جِنْسِ مَا تَقَدَّمَ نَحْوَ أَكَلْت السَّمَكَةَ حَتَّى رَأْسُهَا بِالرَّفْعِ أَيْ مَأْكُولٌ إنْ دَخَلَتْ الْأَفْعَالَ فَإِنْ احْتَمَلَ الصَّدْرُ الِامْتِدَادَ وَالْآخِرُ الِانْتِهَاءَ إلَيْهِ فَلِلْغَايَةِ نَحْوَ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩] {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: ٢٧] وَإِلَّا فَإِنْ صَلَحَ لَأَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلثَّانِي يَكُونُ بِمَعْنَى كَيْ نَحْوَ أَسْلَمْت حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَإِلَّا فَلِلْعَطْفِ الْمَحْضِ فَإِنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى تُصِيحَ حَنِثَ إنْ أَقْلَعَ قَبْلَ الصِّيَاحِ) لِأَنَّ حَتَّى لِلْغَايَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ (وَإِنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ آتِك حَتَّى تُغَدِّيَنِي فَأَتَاهُ فَلَمْ يُغَدِّهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى تُغَدِّيَنِي لَا يَصْلُحُ لِلِانْتِهَاءِ بَلْ هُوَ دَاعٍ إلَى الْإِتْيَانِ وَيَصْلُحُ سَبَبًا وَالْغَدَاءُ جَزَاءٌ فَحُمِلَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ حَتَّى أَتَغَدَّى عِنْدَك فَلِلْعَطْفِ
ــ
[التلويح]
أَنَّ مَا بَعْدَهَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهَا، وَقَدْ تَكُونُ عَاطِفَةً يَتْبَعُ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا فِي الْإِعْرَابِ، وَقَدْ تَكُونُ ابْتِدَائِيَّةً تَقَعُ بَعْدَهَا جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ أَوْ اسْمِيَّةٌ مَذْكُورٌ خَبَرُهَا أَوْ مَحْذُوفٌ بِقَرِينَةِ الْكَلَامِ السَّابِقِ، وَفِي الْكُلِّ مَعْنَى الْغَايَةِ، وَفِي الْعَاطِفَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ جُزْءًا مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَفْضَلَهَا أَوْ أَدْوَنَهَا فَلَا يَجُوزُ جَاءَنِي الرِّجَالُ حَتَّى هِنْدٌ، وَأَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مِمَّا يَنْقَضِي شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمَعْطُوفِ لَكِنْ بِحَسَبِ اعْتِبَارِ الْمُتَكَلِّمِ لَا بِحَسَبِ الْوُجُودِ نَفْسِهِ إذْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْمَعْطُوفِ أَوَّلًا كَمَا فِي قَوْلِك مَاتَ كُلُّ أَبٍ لِي حَتَّى آدَم أَوْ فِي الْوَسَطِ كَمَا فِي قَوْلِك مَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ، وَلَا تَتَعَيَّنُ الْعَاطِفَةُ إلَّا فِي صُورَةِ النَّصْبِ مِثْلُ أَكَلْت السَّمَكَةَ حَتَّى رَأْسَهَا بِالنَّصْبِ، وَالْأَصْلُ هِيَ الْجَارَّةُ لِأَنَّ الْعَاطِفَةَ لَا تَخْرُجُ عَنْ مَعْنَى الْغَايَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْحُكْمُ تَقْتَضِيهِ حَتَّى مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا غَايَةً لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عَاطِفَةً بَلْ الْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ وَالْمُبَايَنَةُ كَمَا فِي جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَيَمْتَنِعُ حَتَّى عَمْرٌو بِالْعَطْفِ كَمَا يَمْتَنِعُ بِالْجَرِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يَعِيشَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ ذُكِرَ الْخَبَرُ) جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَالْمَعْنَى فَمَرْحَبًا بِالْقَضِيَّةِ، وَنِعْمَتْ الْقَضِيَّةُ، وَهَذَا مَعْنًى لَطِيفٌ يَجْرِي فِي جَمِيعِ مَوَارِدِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فَاعْرِفْهُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ دَخَلَتْ الْأَفْعَالَ) حَتَّى الدَّاخِلَةُ عَلَى الْأَفْعَالِ قَدْ تَكُونُ لِلْغَايَةِ، وَقَدْ تَكُونُ لِمُجَرَّدِ السَّبَبِيَّةِ وَالْمُجَازَاةِ، وَقَدْ تَكُونُ لِلْعَطْفِ الْمَحْضِ أَوْ التَّشْرِيكِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ غَائِيَّةٍ وَسَبَبِيَّةٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ حَتَّى مُحْتَمِلًا لِلِامْتِدَادِ وَضَرْبِ الْمُدَّةِ، وَمَا بَعْدَهَا صَالِحًا لِانْتِهَاءِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُمْتَدِّ إلَيْهِ وَانْقِطَاعِهِ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩] فَإِنَّ الْقِتَالَ يَحْتَمِلُ الِامْتِدَادَ، وَقَبُولُ الْجِزْيَةِ يَصْلُحُ مُنْتَهًى لَهُ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: ٢٧] أَيْ تَسْتَأْذِنُوا فَإِنَّ الْمَنْعَ مِنْ دُخُولِ بَيْتِ الْغَيْرِ يَحْتَمِلُ الِامْتِدَادَ، وَالِاسْتِئْذَانُ يَصْلُحُ مُنْتَهًى لَهُ، وَجَعَلَ حَتَّى هَذِهِ دَاخِلَةً عَلَى الْفِعْلِ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَصُورَةِ الْكَلَامِ، وَإِلَّا فَالْفِعْلُ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَنْ فَهِيَ دَاخِلَةٌ حَقِيقَةً عَلَى الِاسْمِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute