{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥] وَحَتَّى رَأْسِهَا وَقَدْ تَجِيءُ لِلْعَطْفِ فَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ إمَّا أَفْضَلَ أَوْ أَخَسَّ وَتَدْخُلُ عَلَى جُمْلَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فَإِنْ ذُكِرَ الْخَبَرُ نَحْوَ ضَرَبْت الْقَوْمَ حَتَّى زَيْدٌ غَضْبَانُ) جَوَابُ
ــ
[التلويح]
الْمَذْكُورَيْنِ، وَتَعْيِينُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْخِيَارِ قَاطِعٌ لِاحْتِمَالِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّ الْوُصُولَ إلَى الْغَايَةِ قَاطِعٌ لِلْفِعْلِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَيْ أَحَدَ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ الْمَعْطُوفِ بِأَوْ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ يَرْتَفِعُ بِوُجُودِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّ الْمُغَيَّا يَرْتَفِعُ بِالْغَايَةِ، وَيَنْقَطِعُ عِنْدَهَا، وَلِهَذَا ذَهَبَ النُّحَاةُ إلَى أَنَّ أَوْ هَذِهِ بِمَعْنَى إلَى لِأَنَّ الْفِعْلَ الْأَوَّلَ مُمْتَدٌّ إلَى وُقُوعِ الْفِعْلِ الثَّانِي أَوْ إلَّا لِأَنَّ الْفِعْلَ الْأَوَّلَ مُمْتَدٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَّا وَقْتَ وُقُوعِ الْفِعْلِ الثَّانِي فَعِنْدَهُ يَنْقَطِعُ امْتِدَادُهُ، وَقَدْ مَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: ١٢٨] أَيْ لَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ فِي عَذَابِهِمْ أَوْ اسْتِصْلَاحِهِمْ شَيْءٌ حَتَّى تَقَعَ تَوْبَتُهُمْ أَوْ تَعْذِيبُهُمْ، وَذَهَبَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا سَبَقَ، وَلَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ اعْتِرَاضٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ مَالِكُ أَمَرِهِمْ فَإِمَّا أَنْ يُهْلِكَهُمْ أَوْ يَهْزِمَهُمْ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ، فَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَدْخُلَ تِلْكَ بِالنَّصْبِ كَانَ أَوْ بِمَعْنَى حَتَّى إذْ لَيْسَ قَبْلَهُ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ يُعْطَفُ عَلَيْهِ فَيَجِبُ امْتِدَادُ عَدَمِ دُخُولِ الدَّارِ الْأُولَى إلَى دُخُولِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَوْ دَخَلَهَا أَوَّلًا حَنِثَ، وَلَوْ دَخَلَ الثَّانِيَةَ أَوَّلًا بَرَّ فِي يَمِينِهِ لِانْتِهَاءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُهَا الْيَوْمَ فَلَمْ يَدْخُلْ حَتَّى غَرُبَتْ الشَّمْسُ، وَمَا يُقَالُ إنَّ تَعَذُّرَ الْعَطْفِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ مَنْفِيٌّ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ إذْ لَا امْتِنَاعَ فِي عَطْفِ الْمُثْبَتِ عَلَى الْمَنْفِيِّ، وَبِالْعَكْسِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَوْ أَدْخُلُ تِلْكَ بِالرَّفْعِ كَانَ عَطْفًا إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْفِعْلِ مَعَ حَرْفِ النَّفْيِ حَتَّى يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ: عَدَمَ دُخُولِ الْأُولَى، أَوْ دُخُولَ الثَّانِيَةِ فَلَوْ دَخَلَ الْأُولَى، وَلَمْ يَدْخُلْ الثَّانِيَةَ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْفِعْلِ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ الْفِعْلَانِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَيَلْزَمُ شُمُولُ الْعَدَمِ لِوُقُوعِ أَوْ فِي النَّفْيِ فَيَحْنَثُ بِدُخُولِ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَيَّتِهِمَا كَانَتْ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ أَوْ فِي قَوْله تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦] عَاطِفَةٌ مُفِيدَةٌ لِلْعُمُومِ أَيْ عَدَمُ الْجُنَاحِ مُقَيَّدٌ بِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ أَيْ الْمُجَامَعَةِ، وَتَقْدِيرِ الْمَهْرِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا كَانَ جُنَاحًا أَيْ تَبِعَةً بِإِيجَابِ مَهْرٍ فَيَكُونُ تَفْرِضُوا مَجْزُومًا عَطْفًا عَلَى تَمَسُّوهُنَّ، وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْكَشَّافِ مِنْ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَنْ عَلَى مَعْنَى إلَّا أَنْ تَفْرِضُوا أَوْ حَتَّى أَنْ تَفْرِضُوا أَيْ إذَا لَمْ تُوجَدْ الْمُجَامَعَةُ فَعَدَمُ الْجُنَاحِ مُمْتَدٌّ إلَى تَقْدِيرِ الْمَهْرِ
(قَوْلُهُ حَتَّى لِلْغَايَةِ) أَيْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا غَايَةٌ لِمَا قَبْلَهَا سَوَاءٌ كَانَ جُزْءًا مِنْهُ كَمَا فِي أَكَلْت السَّمَكَةَ حَتَّى رَأْسَهَا أَوْ غَيْرَ جُزْءٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥] ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute