للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ (وَقَدْ تَكُونُ لِلْإِبَاحَةِ نَحْوَ جَالِسْ الْفُقَهَاءَ أَوْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّخْيِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ فِيهِ أَحَدُهُمَا فَلَا يَمْلِكُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْإِبَاحَةِ فَلَهُ أَنْ يُجَالِسَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخْيِيرِ مَنْعُ الْجَمْعِ وَبِالْإِبَاحَةِ مَنْعُ الْخُلُوِّ (وَيُعْرَفُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ) أَنَّ الْمُرَادَ أَيُّهُمَا فَعَلَى هَذَا قَالُوا فِي لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا إلَّا فُلَانًا أَوْ فُلَانًا لَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْحَظْرِ إبَاحَةٌ وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِحَتَّى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: ١٢٨] لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَرْتَفِعُ بِوُجُودِ الْآخَرِ كَالْمُغَيَّا يَرْتَفِعُ بِالْغَايَةِ فَإِنْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَدْخُلُ تِلْكَ الدَّارَ فَإِنْ دَخَلَ الْأُولَى أَوَّلًا حَنِثَ وَإِنْ دَخَلَ الثَّانِيَةَ أَوَّلًا بَرَّ

(حَتَّى لِلْغَايَةِ نَحْوُ

ــ

[التلويح]

يُحْصَى.

(قَوْلُهُ وَقَدْ تَكُونُ لِلْإِبَاحَةِ) لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مِثْلَ قَوْلِنَا افْعَلْ هَذَا أَوْ ذَاكَ يُسْتَعْمَلُ تَارَةً فِي طَلَبِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مَعَ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَيُسَمَّى إبَاحَةً، وَتَارَةً فِي طَلَبِهِ مَعَ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَيُسَمَّى تَخْيِيرًا، وَالْإِبَاحَةُ وَالتَّخْيِيرُ قَدْ يُضَافَانِ إلَى صِيغَةِ الْأَمْرِ، وَقَدْ يُضَافَانِ إلَى كَلِمَةِ أَوْ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَجَوَازُ الْجَمْعِ أَوْ امْتِنَاعُهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَحَلِّ الْكَلَامِ وَدَلَالَةِ الْقَرَائِنِ، وَهَذَا كَمَا قَالُوا أَنَّهَا فِي الْخَبَرِ لِلشَّكِّ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَسَّرَ التَّخْيِيرَ بِمَنْعِ الْجَمْعِ وَالْإِبَاحَةَ بِمَنْعِ الْخُلُوِّ فَإِنْ قُلْت قَدْ لَا يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ فِي التَّخْيِيرِ كَمَا فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَكَمَا إذَا حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَحْنَثْ، وَقَدْ لَا يَمْتَنِعُ الْخُلُوُّ فِي الْإِبَاحَةِ كَمَا فِي جَالِسِ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَكَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إلَّا زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُكَلِّمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَمْ يَحْنَثْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ مُخْتَصٌّ بِصُورَةِ الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ مَنْعُ الْجَمْعِ أَوْ الْخُلُوِّ فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ، فَفِي صُورَةِ الْإِبَاحَةِ إذَا لَمْ يُجَالِسْ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ فِي أَمْرِ الْإِبَاحَةِ، وَإِنْ جَالَسَهُمَا جَمِيعًا كَانَتْ مُجَالَسَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ إنَّمَا يَكُونُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَجَوَازُ غَيْرِهَا إنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَجُزْ كَمَا إذَا قَالَ أُعْتِقُ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ ذَاكَ، وَأُطَلِّقُ هَذِهِ الزَّوْجَةَ أَوْ تِلْكَ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُسْتَعَارُ) أَيْ يُسْتَعَارُ أَوْ لِحَتَّى إذَا وَقَعَ بَعْدَهَا مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بَلْ فِعْلٌ مُمْتَدٌّ يَكُونُ كَالْعَامِّ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَيُقْصَدُ انْقِطَاعُهُ بِالْفِعْلِ الْوَاقِعِ بَعْدَ أَوْ نَحْوُ لَأَلْزَمَنَّكَ أَوْ تُعْطِيَنِي حَقِّي لَيْسَ الْمُرَادُ ثُبُوتَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ بَلْ ثُبُوتُ الْأَوَّلِ مُمْتَدٌّ إلَى غَايَةٍ هِيَ وَقْتُ إعْطَاءِ الْحَقِّ كَمَا إذَا قَالَ لَأَلْزَمَنَّكَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي فَصَارَ أَوْ مُسْتَعَارًا لِحَتَّى، وَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>