الْمُعْتَزِلَةِ (وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَالْمُعْتَزِلَةِ حُسْنُ بَعْضِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَقُبْحِهَا يَكُونَانِ لِذَاتِ الْفِعْلِ أَوْ لِصِفَةٍ لَهُ، وَيُعْرَفَانِ عَقْلًا أَيْضًا) أَيْ يَكُونُ ذَاتَ الْفِعْلِ بِحَيْثُ يُحْمَدُ فَاعِلُهُ عَاجِلًا، وَيُثَابُ آجِلًا أَوْ يُذَمُّ فَاعِلُهُ عَاجِلًا، وَيُعَاقَبُ آجِلًا أَوْ يَكُونُ لِلْفِعْلِ صِفَةٌ يُحْمَدُ فَاعِلُ الْفِعْلِ، وَيُثَابُ لِأَجْلِهَا أَوْ يُذَمُّ، وَيُعَاقَبُ لِأَجْلِهَا، وَإِنَّمَا قَالَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمَا يُعْرَفَانِ شَرْعًا (لِأَنَّ وُجُوبَ تَصْدِيقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ تَوَقَّفَ عَلَى الشَّرْعِ يَلْزَمُ الدَّوْرُ) ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ادَّعَى النُّبُوَّةَ، وَأَظْهَرَ الْمُعْجِزَةَ، وَعَلِمَ السَّامِعُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَأَخْبَرَ بِأُمُورٍ مِثْلِ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَى السَّامِعِ تَصْدِيقُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَبْطُلُ فَائِدَةُ النُّبُوَّةِ، وَإِنْ وَجَبَ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ وُجُوبُ تَصْدِيقِ بَعْضِ إخْبَارَاتِهِ عَقْلِيًّا أَوْ لَا يَكُونُ بَلْ يَكُونُ وُجُوبُ تَصْدِيقِ كُلِّ إخْبَارَاتِهِ شَرْعِيًّا، وَالثَّانِي بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وُجُوبُ تَصْدِيقِ الْكُلِّ شَرْعِيًّا لَكَانَ وُجُوبُهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَأَوَّلُ الْإِخْبَارَاتِ الْوَاجِبَةِ التَّصْدِيقِ لَا بُدَّ أَنْ يَجِبَ تَصْدِيقُهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّ تَصْدِيقَ الْإِخْبَارِ الْأَوَّلِ وَاجِبٌ فَنَتَكَلَّمُ فِي هَذَا الْقَوْلِ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ تَصْدِيقُهُ لَا يَجِبُ تَصْدِيقُ الْأَوَّلِ، وَإِنْ وَجَبَ فَإِمَّا أَنْ يَجِبَ بِالْإِخْبَارِ الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ أَوْ بِقَوْلٍ آخَرَ فَنَتَكَلَّمُ فِيهِ فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ كَوْنُ وُجُوبِ تَصْدِيقِ شَيْءٍ مِنْ إخْبَارَاتِهِ عَقْلِيًّا فَقَوْلُهُ.
(وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى الشَّرْعِ (كَانَ
ــ
[التلويح]
وَتَعْدِيلِ الْأَسْجَاعِ، وَتَكْثِيرِ الْإِقْرَاعِ فَلَعَلَّهُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ كَصَرِيرِ بَابٍ أَوْ كَطَنِينِ ذُبَابٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ،.
(قَوْلُهُ فِي وَرَائِهِ) الصَّوَابُ مِنْ وَرَائِهِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا) تَمَسُّكٌ عَلَى كَوْنِ حُسْنِ بَعْضِ الْأَفْعَالِ، وَقُبْحِهِ عَقْلِيَّيْنِ بِوَجْهَيْنِ حَاصِلُ الْأَوَّلِ أَنَّ تَصْدِيقَ أَوْ إخْبَارَاتِ مَنْ ثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ وَاجِبٌ عَقْلًا، وَكُلُّ وَاجِبٍ عَقْلًا فَهُوَ حَسَنٌ عَقْلًا أَمَّا الصُّغْرَى فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْعًا لَتَوَقَّفَ عَلَى نَصٍّ آخَرَ يُوجِبُ تَصْدِيقَهُ فَالنَّصُّ الثَّانِي إنْ كَانَ وُجُوبُ تَصْدِيقِهِ بِنَفْسِهِ لَزِمَ تَوَقُّفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِالنَّصِّ الْأَوَّلِ لَزِمَ الدَّوْرُ، وَإِنْ كَانَ بِنَصٍّ ثَالِثٍ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ، وَأَمَّا الْكُبْرَى فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَقْلًا أَخَصُّ مِنْ الْحَسَنِ عَقْلًا عَلَى مَا سَبَقَ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ التَّصْدِيقِ حَرَامًا عَقْلًا فَيَكُونُ قَبِيحًا عَقْلًا، وَحَاصِلُ الثَّانِي أَنَّ وُجُوبَ تَصْدِيقِ النَّبِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى حُرْمَةِ كَذِبِهِ إذْ لَوْ جَازَ كَذِبُهُ لَمَا وَجَبَ تَصْدِيقُهُ، وَحُرْمَةُ كَذِبِهِ عَقْلِيَّةٌ إذْ لَوْ كَانَتْ شَرْعِيَّةً لَتَوَقَّفَ عَلَى نَصٍّ آخَرَ، وَهُوَ أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَةِ كَذِبِهِ فَأَمَّا أَنْ يَثْبُتَ بِذَلِكَ النَّصِّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بِالْأَوَّلِ فَيَدُورُ أَوْ بِثَالِثٍ فَيَتَسَلْسَلُ، وَالْحُرْمَةُ الْعَقْلِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْقُبْحَ الْعَقْلِيَّ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ صِدْقُهُ وَاجِبًا عَقْلًا.
وَالْجَوَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute