قال الطبري:(إن قال لنا قائل وما هذه الخيانة التي كان القوم يختانونها أنفسهم التي تاب الله منها عليهم فعفا عنهم؟
قيل: كانت خيانتهم أنفسهم التي ذكرها الله في شيئين:
أحدهما: جماع النساء، والآخر: المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حراماً ذلك عليهم) اهـ.
ثم ساق الأسباب.
وقال البغوي:(قال أهل التفسير كان في ابتداء الأمر إذا أفطر الرجل حلَّ له الطعام والشراب والجماع إلى أن يصلي العشاء الآخرة، أو يرقد قبلها، فإذا صلى العشاء أو رقد قبلها حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى الليلة القابلة). اهـ. ثم ساق الأسباب.
وقال ابن كثير:(وهكذا روي عن مجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة وغيرهم في سبب نزول هذه الآية في عمر بن الخطاب، ومن صنع كما صنع، وفي صرمة بن قيس فأباح الجماع والطعام والشراب في جميع الليل رحمة ورخصةً ورفقاً) اهـ.
وقال السعدي:(كان في أول فرض الصيام يحرم على المسلمين الأكل والشرب والجماع في الليل بعد النوم فحصلت المشقة لبعضهم فخفف اللَّه عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع سواء نام أو لم ينم لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أُمروا به) اهـ.
وبناءً على ما تقدم فالآية في قول المفسرين نزلت على سببين: أحدهما في الطعام والشراب، والآخر في إتيان النساء.
فأما الأول: وهو الامتناع من الطعام والشراب بعد النوم فقد دلَّ عليه حديث البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ودلت الآية على رفع ذلك الحكم لأن اللَّه - جل وعلا - جعل غاية الامتناع من الطعام والشراب بيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فدل هذا على أن ما قبل الغاية زمناً للطعام والشراب لا سيما أن نوم صرمة كان في أول الليل فرخص اللَّه في الليل كله.