هكذا جاء في سبب نزول الآية الكريمة وقد أورد المفسرون هذين السببين وغيرهما مما لا يستند إلى حجة في الإسناد وتباينت مواقفهم عند النظر فيهما فذهب بعضهم إلى الجمع بينهما وأن الآية نزلت بسببهما ومن هؤلاء القرطبي وابن كثير رحمهما اللَّه تعالى.
قال القرطبي:(والحديث الأول خلاف مقتضى الحديث الثاني، ويحتمل أن يكون نزولها على السببين لاجتماعهما في زمن واحد فكانت جواباً للفريقين واللَّه أعلم).
وقال ابن كثير:(ولا منافاة بين ما ذكره ابن عبَّاسٍ وما قاله هؤلاء - أي نزولها بشأن المنافقين - لأن الآية عامة في جميع ما ذكر والله أعلم).
وذهب بعض المفسرين إلى أنها في أهل الكتاب خاصة ومن هؤلاء الطبري وابن عاشور، قال الطبري بعد أن ساق الأقوال في نزولها:(وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا .. ). الآية قول من قال: عنى بذلك أهل الكتاب الذين أخبر اللَّه جل وعز أنه أخذ ميثاقهم ليبينن للناس أمر محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا يكتمونه، لأن قوله:(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا) في سياق الخبر عنهم، وهو شبيه بقصتهم، مع اتفاق أهل التأويل على أنهم المعنيون بذلك).
وقال ابن عاشور بعد أن ساق الآية:(تكملة لأحوال أهل الكتاب المتحدث عنهم ببيان حالة خُلقهم بعد أن بيّن اختلال أمانتهم في تبليغ الدين، وهذا ضرب آخر جاء به فريق آخر من أهل الكتاب فلذلك عبّر عنهم بالموصول للتوصل إلى ذكر صلته العجيبة من حال من يفعل الشر والخسة ثم لا يقف عند حد الانكسار لما فعل أو تطلب الستر على شنعته، بل يرتقي فيترقب ثناء الناس على سوء صنعه ويتطلب المحمدة عليه) والراجح - واللَّه أعلم - ما ذكره ابن