للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخمر، فقتلوا من يومهم جميعاً شهداء. وذلك قبل تحريمها.

الثاني: قول بعض الصحابة في حديث أنس السابق: (قتل قوم وهي في بطونهم) وإنما عنوا بهم شهداء أحد.

وأما قولهم: إن المائدة من آخر القرآن نزولاً لا سيما صدرها فهذا صحيح في الجملة وإلا فمن المائدة ما تقدم نزولها كتحريم الخمر، ورفع الجناح عمن مات وهو يشربها قبل التحريم، فإن هذا نزل بعد أحد.

أما صدرها فقد دلَّ على تأخر نزوله أمران:

الأول: نزول قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... ) الآية.

فقد روى البخاري عن عمر ابن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤنها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: أيُّ آية؟ قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلت فيه على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو قائم بعرفة يوم جمعة.

الثاني: ما روى الشيخان واللفظ للبخاري عن همام بن الحارث قال: رأيت جرير بن عبد الله بال ثم توضأ ومسح على خفيه ثم قام فصلى فسئل فقال: رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صنع مثل هذا.

قال إبراهيم: فكان يعجبهم لأن جريراً كان من آخر من أسلم.

ولفظ مسلم: لأن إسلام جريرٍ كان بعد نزول المائدة.

وذلك لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة فيكون منسوخاً فذكر جرير في حديثه أنه رآه يمسح بعد نزول المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>