للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجه الدلالة من هذا الحديث على مسألتنا (أي تأخر نزول المائدة) أنه إذا كان يقع الاشتباه إلى هذا الحد بين سبق إسلام جرير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ونزول المائدة مع أنه من آخر من أسلم كما تقدم حتى لقد جزم الواقدي بأنه وفد على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة عشر في شهر رمضان، وحتى جزم ابن عبد البر وأخطأ أنه أسلم قبل وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأربعين يوماً، أقول إذا كان يقع الاشتباه إلى هذا الحد؛ فإن هذا يدل على تأخر نزول آية الوضوء كثيراً واللَّه أعلم.

أما قولهم: إن التيمم شرع في غزوة المريسيع فهذا قول مرجوح، وغزوة المريسيع لم يأت للتيمم ذكر فيها كما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي، فخرجت مع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ما نزل الحجاب، فأنا أُحمل في هودجي، وأُنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة قافلين، آذَن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فالتمست عقدي، وحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنتُ ركبت وهم يحسِبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يثقلهن اللحم، إنما تأكل العُلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل

<<  <  ج: ص:  >  >>