قال ابن العربي:(وأما من قال: إنها نزلت في شأن قريظة والنضير وما شكوه من التفضيل بينهم فضعيف لأن اللَّه تعالى أخبر أنه كان تحكيماً منهم للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا شكوى) اهـ.
وعندي أن ما ذكره ليس بوجيه فقد جاء في الحديث: ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهم. فهذا تحكيم لكن الحديث معلول بما تقدم.
وأما قول ابن كثير:(إن قوله: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ .. ) يقوي أن سبب النزول قضية القصاص) فلا ريب أن هذا حق لو كان إسناد الحديث صحيحاً.
وحينئذ لا يبقى لدينا إلا حديث البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في سبب نزول الآيات الكريمات، وقد اجتمع فيه أمور:
١ - صحة إسناده إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
٢ - موافقته للسياق القرآني.
٣ - اتفاق المفسرين على اختياره والقول بمقتضاه.
٤ - تصريحه بنزول الآيات الكريمة بسبب تلك القصة. وهذا ما لم يذكر في حديثي عبد اللَّه بن عمر وجابر بن عبد اللَّه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اللذَين ذكرهما ابن العربي في قضية زنى اليهوديين ورجمهما.
* النتيجة:
أن سبب نزول هذه الآيات حديث البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في زنى اليهوديين، وحكم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيهما بالرجم لصحة سند الحديث، وتصريحه بالنزول، وموافقته لسياق الآيات، واحتجاج المفسرين به والله أعلم.