بل لو قال قائل: إن الناظر المتأمل في الآية يجد أنه لا صلة لها بالسابق واللاحق لم يكن قوله بعيداً من الصواب.
وسأذكر بعض الأحاديث عن عبد اللَّه بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثم أقوم بالمقارنة بين حديثي ابن عبَّاسٍ وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
قال عبد الرحمن بن يزيد سمعت عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: في بني إسرائيل والكهف ومريم: إنهن من العِتَاقِ الأُول، وهنّ من تِلادي.
وقال شقيق بن سلمة: خطبنا عبد الله بن مسعود فقال: واللَّه لقد أخذت من في رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بضعاً وسبعين سورة، واللَّه لقد علم أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أني من أعلمهم بكتاب اللَّه، وما أنا بخيرهم.
قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعتُ رادّا يقول غير ذلك.
وقال مسروق: قال عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: واللَّه الذي لا إله غيره، ما أُنزلت سورة من كتاب اللَّه، إلا أنا أعلم أين نزلت، ولا أُنزلت آية من كتاب اللَّه، إلا أنا أعلم فيما أُنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلمَ مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبتُ إليه.
وقد دلت هذه الأحاديث على أمور:
١ - أن سورة الإسراء من أوائل ما حفظ ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وعادة المرء