من الثواب والعقاب: ولم تنزل لتعالج قضية حاضرة تنتظر الجواب لحلها، مما يجعل القول بأن الآية نزلت بسبب كذا بعيد.
وإنما مراد من أشار إلى النزول أن الآية تتناول بعمومها هؤلاء المذكورين وغيرهم ممن يماثلهم.
أما الثاني: فإن الناظر في سياق الآيات يلحظ حديثها العام بين الإيمان والكفر وبيان ذلك ما يلى:
أولاً: أن اللَّه ذكر المؤمنين واليهود والصابئين والنصارى والمجوس والمشركين، وهذه طوائف الكفر مع الإيمان، وعقب هذا بقوله:(إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ).
ثانياً: أن اللَّه ذكر السجود له وأن كثيراً من الناس يسجد له، وكثيرًا حق عليه العذاب.
ثالثاً: أن اللَّه ذكر ما أعد لكلا الطائفتين من النعيم والعذاب المقيم.
وإذا نظرت إلى قول أبي ذر وأنه كان يقسم أن هذه الآية نزلت في المذكورين يوم بدر وقول علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة).
قلت: إن الآية تتحدث عن هؤلاء المبارزين يوم بدر فقط.
وعندي - واللَّه أعلم - أن الآية تعم المؤمنين ومن خالفهم في الدين، وهؤلاء الستة هم أبرز مثال وأشهر فرد في هذا العموم، وهذا اختيار الطبري وابن كثير وابن عاشور، وبهذا تتحقق الموازنة بين سياق الآيات، والأحاديث الواردة في ذلك.
* النتيجة:
أن الآية نزلت تتحدث عن الخصومة بين المؤمنين والكافرين، وليس لها سبب معلوم، كالمصطلح عليه، وذلك لدلالة السياق على ذلك، واختيار أكثر المفسرين له. واللَّه أعلم.