حماراً، فانطلق المسلمون يمشون معه، وهي أرض سبخة، فلما أتاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إليك عني، والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أطيب ريحاً منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه فشتمه، فغضب لكل واحدِ منهما أصحابه فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال فبلغنا أنها أنزلت:(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا).
قال ابن عاشور:(ويناكد هذا - أي القول بأنها سبب النزول - أن تلك الوقعة كانت في أول أيام قدوم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة، وهذه السورة نزلت سنة تسع من الهجرة). اهـ. مختصرًا.
ومن هنا نعلم أنه من رام السلامة من الخطأ في تحديد السبب فلا بد له من معرفة وقت النزول ووقت السبب.
السبب الثاني: أن تقع المخالفة بين سبب النزول وآيات القرآن باعتبار السياق وهو ثلاثة أقسام:
أ - أن يقع الاختلاف بينهما في الألفاظ وإليك الأمثلة:
١ - أخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنَّسَائِي عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما نزل تحريم الخمر، قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شفاءً فنزلت هذه الآية التي في البقرة: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) قال: فدعي عمر فقرئت عليه.
بيان مخالفة السبب للآية من وجهين:
الأول: أن الآية فيها السؤال عن الخمر والميسر جميعاً، بينما حديث عمر فيه الدعاء بالبيان عن الخمر فقط.
الثاني: أن الله قال في الآية: (يَسْأَلُونَكَ) وعمر لم يسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما يدل على هذا لفظ الحديث، وإنما فيه أنه دعا الله، وفرق بين دعاء اللَّه وسؤال رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.