٢ - أخرج الترمذي عن عمران بن حصين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رجلاً عضَّ يد رجلٍ فنزع يده، فوقعت ثنيتاه، فاختصموا إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:(يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك) فأنزل الله: (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ).
وجه المخالفة هنا: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفى حقه في الدية فكيف يكون له قصاص مع أن شأن القصاص أعظم وأكبر ثم يقال: فأنزل الله: (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ). اهـ.
٣ - أخرج مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنَّسَائِي عن سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: نزلت فيَّ أربع آيات أصبت سيفاً فأتيت به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: يا رسول اللَّه نفلنيه: فقال: (ضعه) ثم قام، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ضعه من حيث أخذته) ثم قام، فقال: نفلنيه يا رسول اللَّه فقال: (ضعه) فقام فقال: يا رسول اللَّه نفلنيه. أَأُجعل كمن لا غناء له؟ فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ضعه من حيث أخذته) قال: فنزلت هذه الآية: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
قال أبو العباس القرطبي عن حديث سعد:(يقتضي أن يكون ثمَّ سؤال عن حكم الأنفال، ولم يكن هنالك سؤال عن ذلك على ما يقتضيه هذا الحديث). اهـ. فالذي وقع في حديث سعد أنه سأل نفلاً وفرق بين من يسأل عن الشيء وبين من يسأل الشيء، فالأول مستفهم والثاني يريد العطاء.
٤ - أخرج البخاري وأحمد ومسلم وأبو داود والنَّسَائِي عن عبد اللَّه بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سألت أو سئل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الذنب عند اللَّه أكبر؟ قال:(أن تجعل لله ندًا وهو خلقك) قلت: ثم أَيٌّ؟ قال:(ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك) قلت: ثم أيّ؟ قال:(أن تزاني بحليلة جارك) قال: ونزلت هذه الآية تصديقًا لقول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ) فالفرق بين الآية وحديث ابن مسعود أن الحديث حصر القتل في الولد خشية الطعام وحصر الزنا بحليلة الجار وهذا الحصر لا يوافق العموم في الآية. اهـ.