وأنه شربه عند زينب وتظاهرت عليه عائشة وحفصة فيه، وجرى ما جرى، فحلف ألا يشربه، وأسر ذلك ونزلت الآية في الجميع).
وقال عن حديث مارية:(وأما من روى أنه حرم مارية فهو أمثل في السند، وأقرب إلى المعنى، لكنه لم يدوَّن في صحيح، ولا عُدِّل ناقله، أما إنه روي مرسلاً) اهـ.
وقال القرطبي بعد أن ذكر الأقوال مبتدئًا بقضية العسل:(أصح هذه الأقوال أولها) اهـ.
وقال ابن كثير:(اختلف في سبب نزول صدر هذه السورة فقيل: نزلت في شأن مارية وكان رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد حرمها فنزل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) ثم ساق الأحاديث في تلك القضية ثم قال: (والصحيح أن ذلك كان في تحريمه العسل ... ثم ساق الأحاديث) اهـ.
القؤل الثاني: أن سبب النزول، كان تحريمه للجارية وليس العسل واختار هذا ابن عطية والقاسمي.
قال ابن عطية:(والقول الأول أن الآية نزلت بسبب مارية أصح وأوضح وعليه تفقه الناس في الآية) اهـ.
وقال القاسمي: (والذي يظهر لي هو ترجيح روايات تحريم الجارية في سبب نزولها وذلك لوجوه:
منها: أن مثله يُبتغى به مرضات الضرات، ويهتم به لهن.
ومنها: أن روايات شرب العسل لا تدل على أنه حرمه، ابتغاء مرضاتهن بل فيه أنه حلف لا يشربه أنفةً من ريحه.
ومنها: أن الاهتمام بإنزال سورة على حدةٍ لتقريع أزواجه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتأديبهن في المظاهرة عليه، وإيعادهن على الإصرار على ذلك بالاستبدال بهن، وإعلامهن برفعة مقامه، وأن ظهراءَه مولاه وجبريل والملائكة والمؤمنون كل ذلك يدل على أن أمرًا عظيمًا دفعهن إلى تحريمه ما حرم، وما هو إلا