الغيرة من مثل ما روي في شأن الجارية، فإن الأزواج يحرصن أشد الحرص على ما يقطع وصلة الضرةِ الضعيفة ويبترها من عضو الزوجية هذا ما ظهر لي الآن.
وأما تخريج رواية العسل في هذه الآية، وقول بعض السلف نزلت فيه، فالمراد منه أن الآية تشمل قصته بعمومها، على ما عُرف من عادة السلف في قولهم: نزلت في كذا كما نبهنا عليه مراراً) اهـ.
القول الثالث: ما ذهب إليه الطبري والبغوي والسعدي من إطلاق القولين احتمالاً بلا تعيين.
قال الطبري بعد عرض الروايات:(والصواب من القول في ذلك أن يقال: كان الذي حرمه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على نفسه شيئاً كان اللَّه قد أحله له، وجائز أن يكون ذلك كان جاريته، وجائز أن يكون شراباً من الأشربة، وجائز أن يكون كان غير ذلك غير أنه أيَّ ذلك كان فإنه كان تحريم شيء كان له حلالاً، فعاتبه اللَّه على تحريمه على نفسه ما كان له قد أحله، وبيّن له تحلة يمينه في يمين كان حلف بها مع تحريمه ما حرم على نفسه) اهـ.
أما البغوي فقال ابتداءً:(سبب نزولها ما أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ... ثم ساق قصة العسل ثم قال: وفاك المفسرون: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقسم بين نسائه ثم ذكر قضية حفصة مع الجارية ... ) اهـ.
وقال السعدي:(هذا عتاب من الله لنبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين حرم على نفسه سريته (مارية) أو شرب العسل، مراعاةً لخاطر بعض زوجاته في قصة معروفة) اهـ.
هذه أقوال المفسرين خاليةً من الحجج والبراهين باستثناء القاسمي، الذي ذكر ثلاثاً من الحجج تدل على أن القضية في الجارية لا في العسل.
وسأذكر ما تبين لي في الموضوع، ثم أجيب عما احتج به مرجحو قضية العسل فأقول: قد دلّ حديث عائشة من رواية عبيد بن عمير على أن السر الذي