أسره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبعض أزواجه هو شرب العسل، فقد جاء في الحديث:(وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه) - لقوله -: (بل شربت عسلاً).
وهذا يخالف القرآن من وجوه:
الأول: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين أسر الحديث إلى زوجه لا يريد أن يفشو، وهذه حقيقة السر بين الاثنين، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يفشي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السرَّ بنفسه، وقد نهى عن ذلك.
وحديث عائشة بروايتيه نصَّ على أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفشاه .. ففي رواية عبيد بن عمير عن عائشة أنها قالت: أن أيتنا دخل عليها فلتقل إني أجد منك ريح مغافير فقال: (بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش).
وفي رواية عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت لسودة: فإنه سيقول لك سقتني حفصة شربة عسل، وهذا ما حصل ووقع، فالنبي - عليه الصلاة والسلام - ما كتم ولا أخفى.
وبناء على هذا فهل يصح أن يستسرَّها الحديث ثم يفشيه؟.
الثاني: أن الله ذكر أن سرَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان حديثاً بقوله:(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا) وأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عرّف المفشية بعضه، وأعرض عن بعض، وهذا يعني أن الحديث فيه طُوْل، وعلى أقل تقدير يقبل القسمة. فهل يتفق هذا مع السر المذكور في الحديث وهو قوله:(بل شربتِ عسلاً)؟ الواقع أن هذا لا يمكن لأن السر هنا كلمتان فقط فما الذي يمكن أن يعرَّف، وما الذي يمكن أن يعرض عنه هنا.
الثالث: أنه لو كان السرُّ شربَهُ العسل ما كان لقوله الله تعالى: (وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ) أيُّ معنى، إذ كيف يطلعه اللَّه على أمرٍ قد فعله بنفسه، بينما سياق القرآن يدل على أنه لم يكن يعلم بفشو السر.
الرابع: أنه لو كان السرُّ شربه العسل ما كان لقول الله - تعالى -: (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ) أدنى فائدة لأنه هو أَنبأ بذلك، فلم تختص زوجه بالإنباء.
الخامس: أن الله قال: (لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) - إلى قوله -: (تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) وهذا يعني أنه حرم الحلال لإرضائهن، بينما لا تدل الأحاديث على أنهن طلبن تحريم العسل، بل غاية الأمر أنهن شكون من رائحته فهل هذا يعني المطالبة بالتحريم؟