للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن رُشد: والظاهر من مذهب مالك أن وطأها إذا طهرت من الدم ولم تغتسل ممنوع لا مكروه بدليل قوله: (ولاتقربوهن حتى يطهرن)؛ لأن المعنى: حتى يطهرن بالماء فإذا تطهرن به، إذ قرئ (حتى يطهَّرن) بالتشديد، وهي القراءة المختارة؛ لأن المعنى يدل على أن الطهر الأول هو الثاني، إمّا من الدم، وإمّا بالماء، فمن حملهما جميعًا على أن المراد بهما التطهير بالماء إذ هو الأظهر من " التفعل " أن يراد به الاغتسال بالماء، لم يجز وطىء الحائض حتى تغتسل.

ومن قال: المراد بهما الطهر من الدم إذ قد يُعَبرْ عن الطهر من الدم بالتطهير، كما يقال: " تكسَّر الحجر، وتبرد الماء "، أجاز الوطىء من غير اغتسال. وهو الأظهر في المعنى، والقياس؛ لأن العلة في المنع وجود الدم بدليل قوله: (فاعتزلوا النساء في المحيض. .)، فإذا ارتفعت العلة بزواله جاز الوطىء.

وأما قول من قال: " إن معنى قوله: (حَتَّى يَطْهُرْنَ) أي: من الدم (فإذا تطهرن) أي: بالماء "، فبعيد؛ لأن الله أباح وطئهن بقوله: (حَتَّى يَطْهُرْنَ) ثم بيّن الوطىء الذي أباحه بقوله: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) أي: على الوجه الذي أذن الله فيه، فلو كان الطهر الأول: من الدم، والثاني: بالماء، لجاز بالأول ولم يجز بالثاني؛ لأنه أطلق الأول بقوله:

<<  <   >  >>