فإن قيل: فعلى هذا نفصل التحريم إلى غاية، وما بعد الغاية مخالفًا لما قبلها إذا كانت مطلقة.
أما إذا ضُم إليها شرط آخر فإن الحكم يرتبط به كقوله:(حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. .).
فإن قيل: إنما هذا إعادة لما تقدم، وليس بتجديد شرط كقولك:" لا تعط زيدًا شيئًا حتى يدخل الدار فإذا دخل فأَعطه ". فالجواب: أن " تَطَهَّر " لا يقال إلا فيما يكتسبه الإِنسان، وانقطاع الدم غير مكتسب.
فإن قيل: يقال: تقطَّع الحبل، ويقال في صفات الله: تجَّبر، وتكَّبر وليس فيه اكتساب، ولا تكلف.
فالجواب: أن ذلك نادر سلمناه لكن لا يقال: تطهَّرتْ بمعنى: انقطع دمها، وإنما حملناه في تقطَّع الحبل على المجاز إذ لا مفر عنه؛ لأن الجَمادات لا توصف بالاكتساب، وهنا عنه مندوحة، وهي حمله على الحقيقة، وأن المراد به الاغتسال بالماء، وأيضا فإنه مدحهنَّ بقوله:(ويحب المتطهرين)، والمدح إنما يكون على ما اكتسب من الأفعال بدليل قوله تعالى:(وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا).
- (من حيث أمركم اللَّه. .). فجرى فيه الخلاف الذي في لفظ:" أمر " هل هو للوجوب أو لمطلق الترجيح المحتمل للوجوب والندب.