المفرغ إذا حذف منه حرف النفي، استقام في الكلام مثل:" ما لقيت إلا زيدًا ". تقول:" لقيت زيدًا " بخلاف " ما قام القوم إلا زيدًا ". لا يحسن " قام القوم زيدًا "، وهنا يحسن آيتك أن تكلم الناس رمزًا " انتهى كلامه.
ويجاب: بأن غير المفرغ مشتمل على نفي، وإثبات، فنفيتَ القيام عن القوم، وأثبته لزيد فإذا اسقطت حرف النفي لم يستقم بقاء لفظ القوم الذي هو منفي مع زيد الذي هو مثبت، وهنا لا تقول: إنه مستثنى من الناس، بل من الكلام المفهوم من (تكلم)، والمعنى لا تكلم الناس كلامًا إلا رمزًا.
فالرمز مخرج من الكلام، والمخرج منه أبدًا أوسع من المخرج إذ لا يجوز استثناء المستغرق، وإذا كان أوسع منه فهو غيره قطعًا؛ لأن الجزء غير الكل، وإذا " كان غيره " استحال حمله عليه، وبيانه أن المعنى: لا تكلم " الناس كلامًا " لفظًا، وغير لفظ إلا رمزًا ولو أسْقطت النفي و (إلا) وقلت: آيتك أن تكلم الناس كلامًا لفظًا، وغير لفظ رمزًا، لقبح ذلك، ولم يحسن إذ لا يوصف " اللفظ بالرمز فلذلك قلنا: إنه استثناء غير مفرغ كما أعربه الزمخشري، وابن عطية. وهذا مع قوله تعالى في سورة مريم (أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا)، يدل على أن اليوم يشمل الليل