للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

خبز، معها تمرات، وقطعة من لحم، ومذقة من لبن، وجرعة من ماء، ونحو ذلك، طبخته الكبد، فأخرجت منه قطرات مني، فاستقر في الأنثيين، فحركتها الشهوة، فصبت في بطن الأم مدة، حتى تكاملت صورتها، فخرجت طفلاً تتقلب في خرق البول.

وأما آخره: فإنه يلقى في التراب، فيأكله الدود، ويصير رفاتًا تسفيه السوافي، وكم يخرج تراب بدنه من مكان إلى مكان آخر، ويقلب في أحوال، إلى أن يعود فيجمع. هذا خبر البدن.

إنما الروح التي عليها العمل، فإن تجوهرت بالأدب، وتقومت بالعلم، وعرفت الصانع، وقامت بحقه، فما يضرها نقض المركب. وإن هي بقيت على صفتها من الجهالة شابهت الطين، بل صارت إلى أخس حالة منه (١).

أخي المسلم:

حقيق بالتواضع من يموت ... وحسب المرء من دنياه قوت (٢)

قال أحمد بن الورد: ولي الله إذا زاد جاهه زاد تواضعه، وإذا زاد ماله زاد سخاؤه، وإذا زاد عمره زاد اجتهاده (٣).

وقال ابن المبارك: رأس التواضع أن تضع نفسك عند من دونك في نعمة الدنيا حتى تعلمه أنه ليس لك بدنياك عليه فضل، وأن ترفع نفسك عمن هو فوقك في الدنيا حتى تعلمه أنه ليس له


(١) صيد الخاطر، ص ٤٥٧.
(٢) التبصرة ١/ ٢.
(٣) صفة الصفوة ٢/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>