للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتواضع المذموم: هو تواضع المرء لذي الدنيا رغبة في دنياه.

فالعاقل يلزم مقارقة التواضع المذموم على الأحوال كلها، ولا يفارق التواضع المحمود على الجهات كلها (١).

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين في منزلة الخشوع:

ولقد شهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من ذلك أمرًا لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيرًا: ما لي شيء ولا مني شيء ولا في شيء، وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت:

أنا المكدي وابن المكدي ... وهكذا أبي وجدِّي

هذه إجاباتهم وهذا تواضعهم وهم أئمة هذا الدين وعلماء زمانهم، ولهم البلاء والجهاد المعلوم المعروف .. فما يقول من هو دونهم علمًا وعبادة؟ !

وكان إذا أثني عليه -رحمه الله- في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت وما أسلمت بعد إسلامًا جيدًا.

قال محمد بن زهير: أتيت أبا عبد الله (أحمد بن حنبل) في شيء أسأله عنه فأتاه رجل فسأله عن شيء، أو كلمه في شيء، فقال له: جزاك الله عن الإسلام خيرًا فغضب أبو عبد الله وقال له: من أنا حتى يجزيني عن الإسلام خيرًا، بل جزى الله الإسلام عني خيرًا (٢).


(١) روضة العقلاء، ص ٥٩.
(٢) طبقات الحنابلة ١/ ٢٩٨.

<<  <   >  >>