للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الحسن: والله لقد أدركت أقوامًا ما طوي لأحدهم في بيته ثوب قط، ولا أمر في أهله بصنعة طعام، وما جعل بينه وبين الأرض شيء قط (١).

والنفس المؤمنة إذا ما تشبعت بالمعاني الإسلامية والأخلاق الفاضلة، فلن تترك خلق التواضع إلى الكبر، وذلك لأن الكبر ينافي تلك المبادئ التي تربى عليها الإنسان المسلم، فالمسلم يرفض التكبر لأنه إما أن يكون على العباد أو على الله تبارك وتعالى، وهو في كليهما مذموم، بل ومتوعد فاعله بصنوف العذاب كما جاء ذلك في الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (٢)، وقال: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} (٣) وغير ذلك من الآيات (٤).

فالتكبر على الخالق إذا يكون بمنازعته إحدى صفاته من كبرياء وعظمة أو بالتكبر عن عبادته. أما التكبر على الخلق فهو صنوف كثيرة توهم صاحبها بأنه أعلى رتبة من البشر، ويعامل نفسه على تلكم الوتيرة حتى يفضي به ذلك إلى مرض نفسي خطير يدعى بمرض العظمة. فمن تلك الصنوف أن يتكبر العبد بحسبه ونسبه، أو بقوته وسطوته إن كان ذا سلطان أو بماله، أو بجماله، أو


(١) حلية الأولياء ٢/ ١٤٦.
(٢) سورة غافر، الآية: ٦٠.
(٣) سورة النحل، الآية: ٢٣.
(٤) التواضع والخمول لابن أبي الدنيا، ص ١٠.

<<  <   >  >>