للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن تواضع أهل الطاعة والعبادة وعدم تزكيتهم أنفسهم ما قاله محمد بن واسع عن نفسه وهو علم من الأعلام وعابد من العباد: لو كان للذنوب ريح ما جلس إلي أحد (١).

وكان أيوب السختياني يقول: إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل (٢).

وقال الشافعي: أرفع الناس قدرًا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلاً من لا يرى فضله (٣).

ولهذا التواضع وإنزال النفس منزلتها قال أبو حاتم: الواجب على العاقل لزوم التواضع ومجانبة التكبر، ولو لم يكن في التواضع خصلة تحمله إلا أن المرء كلما كثر تواضعه ازداد بذلك رفعة، لكان الواجب عليه أن لا يتزيَّا بغيره.

ولأثر الكبر السيء وسوء فعله في الأنفس والعقول قال محمد ابن الحسين بن علي: ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر قط إلا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك قل أو كثر (٤).

أخي الحبيب:

التواضع تواضعان: أحدهما محمود، والآخر مذموم.

فالتواضع المحمود: ترك التطاول على عباد الله، والإزراء بهم.


(١) السير ١٢٠/ ٦، صفة الصفوة ٣/ ٢٦٨.
(٢) تذكرة الحفاظ ١٠/ ١٣١.
(٣) السير ١٠/ ٩٩.
(٤) الإحياء ٣/ ٣٥٨.

<<  <   >  >>