للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخرجي ما كنت تدخرين (١).

وذكر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أنه أتاه ذات ليلة ضيف فلما صلى العشاء وكان يكتب شيئًا والضيف عنده كاد السراج أن ينطفئ، فقال الضيف: يا أمير المؤمنين، أقوم إلى المصباح فأصلحه؟ قال: ليس من مروءة الرجل أن يستعمل ضيفه. قال: أفأنبه الغلام؟ قال: لا، هي أول نومة نامها، فقام عمر وأخذ البطة فملأ المصباح، فقال الضيف: قمت بنفسك يا أمير المؤمنين؟ قال: ذهبت وأنا عمر، ورجعت وأنا عمر وخير الناس عند الله من كان متواضعًا.

وقال قيس بن أبي حازم: لما قدم عمر بن الخطاب إلى الشام تلقاه علماؤها وكبراؤها فقيل: اركب هذا البرذون يرك الناس، فقال: إنكم ترون الأمر من ههنا، إنما الأمر من ههنا وأشار بيده إلى السماء، خلوا سبيلي.

وروي في رواية أخرى أن عمر رضي الله تعالى عنه جعل بينه وبين غلامه مناوبة، فكان يركب الناقة ويأخذ الغلام بزمام الناقة ويسير مقدار فرسخ ثم ينزل ويركب الغلام ويأخذ عمر بزمام الناقة ويسير مقدار فرسخ، فلما قربا من الشام كانت نوبة ركوب الغلام، فركب الغلام وأخذ عمر بزمام الناقة، فاستقبله الماء في الطريق، فجعل عمر يخوض في الماء ونعله تحت إبطه اليسرى وهو آخذ بزمام


(١) تبينه الغافلين، ص ٩٥.

<<  <   >  >>