للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردف الفضل بن عباس خلفه في الحج، فجاءت جارية من خثعم تستفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلوى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنق الفضل لئلا ينظر إليها، فقال له عمه العباس: لم لويت عنق ابن عمك يا رسول الله، فقال عليه السلام: "رأيت شابًا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما" (١) يعني: أن يشغل قلب أحدهما بصاحبه إذا نظر إليه.

فانظر كيف فعل بابن عمه وهو في حضرته متلبس بأسباب حجه، ولم يأمن الطباع من الفتنة، والشيطان من الوسوسة والمحنة.

وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يومًا لعلي بن أبي طالب: "يا علي، إن لك كنزًا في الجنة، فلا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة" (٢) يعني أن النظرة الأولى نظرة الفجأة من غير قصد يمنح لك عفو بلا إثم، وليست لك الثانية إذا اتبعتها نظرة تمتع.

هذا خطابه لعلي رضي الله عنه، مع علمه بكمال زهده وورعه، وعفة باطنه وصيانة ظاهره يحذره من النظر، ويؤمنه من الخطر لئلا يدعي الأمن كل بطال، ويغتر بالعصمة والأمن من الفتنة {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٩].

وعن جرير بن عبد الله البجلي، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) رواه الترمذي.
(٢) رواه أحمد وابن حبان. تقدم تخريجه دون قوله: إن لك كنزا في الجنة فالله أعلم.

<<  <   >  >>