للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن نظر الفجأة، فقال لي: "اصرف بصرك" (١) يعني: عن النظر الثاني، لأنك لا تأمن فيه الشهوة والفتنة.

ولا شك أن حفظ البصر أشد من حفظ اللسان، فإن العين مبدأ الزنا فحفظها مهم، وهو عسر من حيث إنه قد يستهان به ولا يعظم الخوف منه والآفات كلها منه تنشأ.

والنظرة الأولى إذا لم تقصد لا يؤاخذ بها والمعاودة يؤاخذ بها.

قال مجاهد: إذا أقبلت المرأة جلس الشيطان على رأسها فزينها لمن ينظر وإذا أدبرت جلس على عجزها فزينها لمن ينظر (٢).

قال العلاء بن زياد: لا تتبع بصرك رداء المرأة فإن النظر يزرع في القلب شهوة، وقلما يخلو الإنسان في ترداده عن وقوع البصر على النساء والصبيان فمهما تخايل إليه الحسن تقاضى الطبع المعاودة وعنده ينبغي أن يقرر في نفسه أن هذه المعاودة عين الجهل فإنه إن حقق النظر فاستحسن ثارت الشهوة وعجز عن الوصول فلا يحصل له إلا التحسر، وإن استقبح لم يلتذ لأنه قصد الالتذاذ فقد فعل ما آلمه، فلا يخلو في كلتا حالتيه، عن معصية وعن تألم وعن تحسر، ومهما حفظ العين بهذا الطريق اندفع عن قلبه كثير من الآفات، فإن أخطأت عينه وحفظ الفرج مع التمكن فذلك يستدعي غاية القوة ونهاية التوفيق (٣).


(١) رواه مسلم.
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ٢٢٧).
(٣) الإحياء (٣/ ١١٤).

<<  <   >  >>