للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه الدنيا مزرعة الآخرة ودار عمل وتعب ونصب فإن أحسن العبد فيها فهنيئا له وإن قصر وفرط ندم في يوم تشخص فيه الأبصار.

قال أحمد تنهدت عند أبي سليمان الداراني يوما فقال: إنك مسئول عنها يوم القيامة فإن كانت على ذنب سلف فطوبى لك وإن كانت على فوت دنيا أو شهوة فويل لك (١).

قال الثوري: يسألون والله عن كل شيء حتى التبسم فيم تبسمت يوم كذا وكذا، فذلك قوله: {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}.

أخي الحبيب:

إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل ... خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما تخفيه عنه يغيب

ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب ... وأن غدا للناظرين قريب

قال الله عز وجل في كتابه العزيز: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} [الحشر: ١٦].

قال علماء التفسير: كان هذا الإنسان المذكور عابدًا في صومعة له، مشهورًا بالعبادة، ومشهورًا بالزهادة يستشفى بدعائه المرضى، وإذا عرض بأحد مرض أو جنون حمل إلى صومعته ليدعو له ليبرأ فمرضت ابنة بعض كبراء البلدة. ذات جمال فجاءوا بها


(١) المنتخب (٢٠).

<<  <   >  >>